in

من غدامس إلى غدامس … الرضوخ للحوار بعد فشل العدوان

قبل العدوان على طرابلس كان الليبيون على موعد مع الملتقى الوطني الجامع في مدينة غدامس للاتفاق على خارطة طريق تقضي بإنهاء المراحل الانتقالية بالطرق السلمية والتداول السلمي على السلطة بعد سنوات من التحضير برعاية بعثة الأمم المتحدة لليبيا، إلا أن طمع حفتر في الحكم واستكباره أدخل البلاد في أتون حرب دامت أكثر من عام.

وبعد خسارته المدوية للحرب وفشل مبتغاه في حكم البلاد بالحديد والنار رجع حفتر مرغما للجلوس إلى طاولة المفاوضات، ومن جديد يكون اللقاء في غدامس، حيث اللقاء الأول للجنة 5+5 في ليبيا بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف في 23 من أكتوبر الحالي .

ملتقى غدامس وغدر حفتر

رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا السابق غسان سلامة أعلن في مارس 2019 تحديد 14 إلى 16 أبريل من العام نفسه موعدا لانعقاد الملتقى الوطني الجامع الذي يعد آخر البنود في خارطة الطريق التي طرحتها الأمم المتحدة قبل أكثر من عام لحل الأزمة الليبية .

وقبيل أيام من موعد انعقاد الملتقى وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى طرابلس، حيث أكد التزامه الكامل بدعم العملية السياسية التي يقودها الليبيون نحو تحقيق السلام والاستقرار والديمقراطية والرخاء للشعب الليبي.

إلا أن حفتر كان له رأى آخر فأعلن في 4 أبريل 2019، وأثناء تواجد غويتريش في طرابلس انطلاق ما سماه عملية تحرير طرابلس و”الفتح المبين”، معتديا على عاصمة البلاد التي يسكنها قرابة المليوني نسمة بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة، وبغطاء جوي من الدول الداعمة له، وعلى رأسها الإمارات ومصر وفرنسا التي أمدته بقوات خاصة وبصواريخ جافلن المتطورة .

الهزيمة النكراء

وبعد أكثر من عام على عدوانه سيطرت قوات الجيش على كامل المنطقة الغربية في الـ 6 من يونيو الماضي عقب طرد آخر فلول مليشيات حفتر ومرتزقته من المعقل الأخير لهم في مدنية ترهونة .

وتمكنت قوات الجيش الليبي خلال فترة العداون من قتل مئات المرتزقة من شركة الفاغنر الروسية ومرتزقة الجنجويد السودانية ومن تشاد وسوريا كما وصل عدد قتلي ميليشات حفتر لأكثر من 7000 قتيل، وفقا لما صرح الناطق باسم حفتر أحمد المسماري كما أسرت المئات منهم، بعضهم قصر لم يتجاوز الثمانية عشر سنة .

وأسقطت قوات الدفاع الجوي الليبي أكثر من عشر طائرات بين حربية ومسيرة للمليشيات المعتدية، كما دمرت عشرات المدرعات الإمارتية المعروفة بالتايقر، وغمنت العديد منها .

مآسي وأضرار

عدوان حفتر سب مآسي لا عد لها ولا حصر، فقد ذكر تقرير مصور أصدره المركز الإعلامي لعملية “بركان الغضب” التابعة للجيش الليبي، في سبتمبر الماضي، “أن العدوان سبب قتل 238 مدنيا، و44 طفلا، إضافة إلى إجبار 57 ألف أسرة على النزوح، بواقع 342 ألف شخص، بينهم ما لا يقل عن 90 ألف طفل “.

كما سبب العدوان عديد الأضرار بالبنى التحتية، فقد سبب توقف 306 مدرسة عن العمل، ونزوح 800 معلم، وحرق 39 مليون كتاب مدرسي، وتضرر 14 مدرسة بشكل كبير، ونزوح 200 ألف طالب، وتوقف الدراسة في 9 بلديات.

كما كان لمطار معتيقة، الشريان الوحيد للعاصمة، نصيب من هذا العدوان فقد تسبب قصفه له في مقتل 22 مدنيا، وتضرر 28 مرفقا بالمطار، و52 آلية مدنية، وقصف مهبط المطار13 مرة، وإصابة 7 طائرات مدنية.

جثث ومقابر

وفي أكتوبر الجاري رصد تقرير للهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين انتشال 102جثة عثر عليها في مقابر جماعية بترهونة وجنوب طرابلس، منذ 5 من يونيو الماضي، بعد اكتشاف أكثر من 12 مقبرة جماعية بالمدينة التي كانت تسيطر عليها ميليشيات حفتر .

اتفاق جنيف

ومنذ أن انطلقت أول جولة لمباحثات اللجنة العسكرية بين وفد الوفاق ووفد مليشيات حفتر عقب اعتماد خارطة الطريق لحل الأزمة سياسيا في مؤتمر برلين في يناير الماضي.

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في 23 أكتوبر الجاري، توصل الأطراف الليبية إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا يقضي بانسحاب جميع الوحدات العسكرية إلى معسكراتها وخروج المرتزقة من ليبيا في موعد أقصاه ثلاثة أشهر، وإعادة هيكلة حرس المنشآت النفطية، وفتح كافة الطرق والمنافذ بين المناطق والمدن في البلاد، إضافة إلى تبادل الأسرى والمحتجزين .

العودة لغدامس

فشل عدوان حفتر الذي دام أكثر من عامـ، مسببا مئات الضحايا والخسائر المادية وإغلاق النفط وغيرها من الكوارث التي جرها على البلاد جعله يعود من جديد لغدامس التى رفضها أول مرة، حيث أعلنت البعثة انطلاق الجولة الخامسة من محادثات لجنة (5 + 5) الاثنين المقبل لأول مرة في ليبيا، هناك بالمدينة التي كان من المزمع عقد الملتقى الوطني الجامع فيها قبيل عداون حفتر الفاشل، وانكسار حلمه في اعتلاء سدة الحكم في ليبيا بقوة السلاح، وبدعم غير محدود من دول على رأسها الإمارات.

مصادر خاصة تكشف نية السراج تكليف رئيس حكومة ينحدر من شرق ليبيا… ومراقبون يرون الخطوة “إرباكا لعملية التسوية وليست لتحسين الأداء الحكومي”

أضرار لبس الجوارب دائمًا