in

التهافت السياسي في تحالفات منتهيي الصلاحية

الحديث المتصاعد عن قرب التسوية السياسية وما صاحبها من لقاءات وتحركات جعل كثيراً من الأطراف تبحث عن حالة من التموضع الجديد، يمكنه من خلالها ضمان بقائه في المشهد طيلة الفترة التمهيدية بحسب المخرجات الأولية للقاءات التي سبقت انطلاق الحوار السياسي بشكل رسمي.

من الواضح أن هناك توجهاً أمريكياً حاسماً تجاه الملف الليبي، ينهي حالة الفوضى وغياب الدولة التي جعلت من المصالح الأمريكية في موضع التهديد الروسي، من خلال وجود قوات روسية غير معهود في جنوب المتوسط القريبة من الحلفاء الأوروبيين، والقادرة على تهديد الوجود العسكري الأمريكي في المتوسط، والتي قد تكون بوابة انطلاق روسي قوي إلى أفريقيا، مستفيداً من الموقع الإستراتيجي والموارد الضخمة في ليبيا.

التوجه الأمريكي يسعى لإنتاج حل سياسي عبر مجلس الأمن يُنهي الشرعية الحالية التي بات واضحاً أنها غير منتجة وقد انتهت صلاحيتها السياسية، كما يهدف هذا الحل إلى إبراز قيادة سياسية في الشرق تتجاوز حالة العسكرة التي يفرضها حفتر من خلال عزله وجعله ينكمش ويفقد أي تأثير، وهو ما انعكس في المخرجات الأولية في اجتماعي المغرب وسويسرا.

هذا التوجه الذي يحظى بدعم دولي واضح، جعل الأطراف منتهية الصلاحية سياسياً تسعى إلى البقاء في المشهد من خلال إفشال التسوية السياسية المرتقبة أو عرقلة مسارها، وأبرز هذه المحاولات الاتفاق الأخير الذي أعلن عنه النائب في المجلس الرئاسي أحمد معيتيق مع قائد مليشيات الكرامة خليفة حفتر، وإن كان ظاهر هذا الاتفاق استئناف إنتاج وتصدير النفط فإنه في حقيقته تحالف متهافت، غايته الإبقاء على ورقة النفط بيد حفتر وتحت رحمة مرتزقة فاغنر، مقابل أن يحظى معيتيق ببطولة موهومة يدّعي من خلالها تمكنه من تحرير “قوت الليبيين” وإعادته إلى التدفق من جديد.

حفتر غير مُلام في هذه الخطوة، فالرجل قارب الثمانين ويبحث عن أية قشة يتشبث بها ليبقى في المشهد السياسي، وهرولة معيتيق إليه ولقاء ابنه في روسيا -كما صرحت بلومبيرغ- يمثل فرصة جديدة ليكون طرفاً سياسيا بعد أن تجاوزه عقيلة صالح رغم مسرحيات التفويض الفاشلة والسمجة.

معيتيق أثبت من خلال ما أعلنه اليوم أنه مقامر سياسي، تجاوز مرحلة المغامرة في السياسة إلى التهافت والعبث والسقوط الأخلاقي، الذي لم يراعِ فيه التضحيات التي دفعها الرجال دماءً وأنفساً في عملية بركان الغضب، فيرتمي في أحضان حفتر العجوز الخَرِف، لينكشف شبقه بالسلطة في أحطّ صوره، ولتأتي صيغة الاتفاق كاشفة عن الضحالة والإفلاس، فبنود الاتفاق وما يتضمنه من تشكيل لجنة فنية لها صلاحيات تحديد الميزانيات والإشراف على صرفها أمر لا يملك معيتيق ولا حفتر اقتراحه فضلاً عن الاتفاق عليه وتنفيذه، وهذا الاتفاق ليس إلا قفزة في الهواء قفزها الاثنان ساقطين على رأسيهما كاشفين عن سوأتيهما.

إن هذا الاتفاق يمكنه اعتباره إطلاقة الرحمة على مطامع معيتيق في تولي رئاسة حكومة الوحدة الوطنية القادمة، وما جاء في بيان السفارة الأمريكية وبيان المؤسسة الوطنية للنفط برفض أي اتفاقات تخدم المصالح الضيقة يؤكد أن التحالف مع حفتر هو تحالف المهزومين والفاشلين ولا يلجأ إليه إلا من استنفد ما لديه من أوراق اللعبة السياسية.

حفتر يفتح النفط … والمؤسسة ترفض لعب مرتزقة فاغنر دورا في القطاع النفطي

مراقبون: البند الـ 8 في اتفاق فتح النفط الروسي، يُشكك في نية معيتيق