in

همسة في أذن المزايدين من خارج الوطن

أمام هذا العدوان الذي يُشنّ على العاصمة الذي يسعى لإرجاع ليبيا إلى حظيرة الاستبداد، تُبذل الجهود العظيمة لدحره وتجاوز ما نعيشه في ليبيا من ظروف صعبة.

تتفاوت هذه الجهود من الجبهة العسكرية وهي الأشد، ويسجل فيها أبطال عملية البركان أكبر التضحيات، إضافة إلى الجبهة السياسية والإعلامية والمدنية، إلى غير ذلك من المستويات.

لا تزال التحديات كبيرة أمام مسيرتنا للعبور إلى الدولة، وكل هذه المحن التي نمر بها طبيعية في مسيرة التحول من الثورة إلى الدولة، ولعل من أهم هذه التحديات الموجودة أمامنا الآن هو ما نعانيه من ضعف حكومي وغياب الخطة الواضحة، كذلك حالة الحرب والاقتتال الموجود برعاية دول معروفة تريد تدمير ليبيا وإخضاعها لمشروع العسكرة وإرجاعها لعهد الدكتاتورية والاستبداد.

لست بصدد تقييم هذه الجهود، فلكل مجتهد نصيب، وكل عامل لابد أن يخطئ، والخطأ والصواب من الطبيعة البشرية التي جُبلنا عليها، وحتى نقد الأخطاء الذي يحدث دافعه الوطنية والحرص على التضحيات من إهدارها أو التفريط فيها.

لكن ما يثير الكثير من الشبهات، ويطرح العديد من الأسئلة، ما نراه من تخوين ومزايدة من خارج الوطن عبر لوحات المفاتيح أو منصات القنوات، وهو لا يعدو أن يكون صراخا من بعيد وادعاء زائفاً للوطنية لا يخدم القضية الوطنية، بل يضربها في عمقها الداخلي ويزيد من فرص تغول أعدائها المتربصين بها؛ فالأصل أن الموجودين بالداخل هم أعلم وأدرى بما يدور في مجتمعهم وأقرب لمعالجته والتعامل معه.

إن جلّ ما نراهم من هذه الفئة المزايدة المتفرجة من بعيد، اختاروا الابتعاد وقدموا أنفسهم على وطنهم، و لم يستطيعوا أن يتحملوا تكلفة البقاء بالداخل للنهوض بالوطن والدفاع عنه، نعلم جيدا أن أبسط مجهود من الداخل حتى وإن كان فى نطاق الاجتهاد أفضل من تنظير المتفرجين الممارسين لدور الخبير والعالم والشيخ والمنظر والثائر، وغيرها من الصفات التي يتقمصها هؤلاء المزايدون من خارج الوطن.

لا أحد ينكر أننا أمام تحديات جسام تجعلنا فى أمسّ الحاجة لكل دعم؛ فالوطن ينهض بالجميع، لكنه ينهض بالأفعال وليس بالأقوال.

في ذات الوقت، لا أستطيع أن أنكر على أحد أن ينتقد ويمارس حق التعبير، وما أقصده هو أن الأولوية يحب أن تكون بتقديم الفعل والدعم، أما مجرد الكلام، فهو صنعة العاجزين خاصة عندما يكون من بعيد وموجهاً لأشخاص يعيشون واقعهم بكل تفاصيله من أشخاص يعيشونه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو القنوات الفضائية .

الكثير من الشخصيات اختارت الابتعاد بنفسها عن ما تعيشه ليبيا، ولم يشتغلوا فى ممارسة التقييم من بعيد، و هؤلاء لا أحد يستطيع أن يرغمهم على البقاء، وبعضهم لم يبخل بالرأي الجيد والاستشارة غير الملزمة وفى نطاق الاحترام لأهل الاختصاص، لكن الشريحة المقصودة هم من هرب عن هذا الوطن وجراحه، ويريد أن يبرر هروبه بممارسة الوطنية الاستعراضية لا الفعلية، ولا يستحي فى فرض رأيه ورؤيته على الجميع. 

أنصح المزايدين علينا من خارج الوطن الاهتمام بأنفسهم والاستمتاع بأوقاتهم وترك هواية ممارسة الوطنية الجوفاء التي يُسْكِتون بها جلد ذواتهم التي تأنبهم فى بعض لحظات الخلو بأنفسهم، وفقدان القدرة على مواجهة حقيقة أنهم تخلوا عن بلادهم وانحازوا إلى مصالحهم، خاصة أن بعضهم يمارس المزايدة والتنظير أثناء خروجه على بعض القنوات الفضائية بمقابل مالي؛ فأصبحت هذه المزايدات ليست مجرد ترضية لأهوائهم فحسب، بل مهنة جالبة للمال .. والله المستعان.

وزارة العدل: لا يوجد لدينا محتجزون بصورة غير قانونية بصرمان

منظمة الصحة العالمية تحسم الجدل: الموتى لا ينقلون كورونا.. وهذه قواعد الدفن