in

مقابلة خاصة مع رئيس هيئة الرقابة الإدارية، سليمان محمد الشنطي

الشنطي: حققنا في أزيد من 300 قضية خلال 2019 وبعض التشريعات بحاجة إلى دراسة

قال رئيس هيئة الرقابة الإدارية “سليمان محمد الشنطي” إن هيئتهم حققت في 338 قضية خلال العام الماضي، تضمنت قضايا إهمال وتقصير في حفظ المال العام واختلاسه، وتزوير وثائق رسمية وإساءة استعمال السلطات الوظيفية.

وفي مقابلة خاصة مع الرائد تابع “الشنطي” قوله، إن الأجهزة الرقابية تعمل جاهدة لمكافحة الفساد الإداري والمالي، الذي بات عنصراً رئيسياً في تدهور الأداء بكافة أجهزة الدولة التنفيذية وعلى صعيد قطاعيها العام والخاص.

ورأى أن بعض التشريعات التي أنجزت لتعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد بحاجة إلى المزيد من الدراسة وإيجاد آليات لتعديلها بما يتماشى مع المرحلة التي تمر بها الدولة، فإلى نص المقابلة:

نحن اليوم أمام 3 جهات حكومية رقابية (هيئة الرقابة الإدارية، ديوان المحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد)، تصب جميعها في مصلحة عمل واحد، لكن أي منها المُخوّل من هذه المؤسسات الثلاثة بكشف الفساد وملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم؟

وإن كانت الأجهزة الرقابية التي أشرت إليها تصب في مصلحة عمل واحد، ألا وهو محاربة الفساد، إلا أن معيار التفرقة في محاربة نوع الفساد يكمن في طبيعة الاختصاص المسند لكل منها، بموجب قانون عمله الخاص الذي يعمل بمقتضاه.

فهيئة الرقابة الإدارية تهدف إلى تحقيق رقابة إدارية فعالة على الأجهزة التنفيذية للدولة والكشف عن الجرائم والمخالفات المتعلقة بأداء الوظيفة العامة وكرامتها واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمساءلة مرتكبيها.

أما ديوان المحاسبة فيهدف إلى تحقيق رقابة فعالة على المال العام والتحقق من مدى ملائمة أنظمة الرقابة الداخلية وسلامة التصرفات المالية.

نأتي إلى هيئة مكافحة الفساد فهي المختصة بحماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه سواء المتعلقة بالشأن العام، أو مصالح المواطنين في الجهات المشمولة باختصاص الهيئة وفق قانون إنشائها رقم 11 لسنة 2019م.

وبالحديث عن ملاحقة الفاسدين والتحقيق فيما ينسب إليهم، فتختص بمباشرته جهة واحدة وهي هيئة الرقابة الإدارية سواء تلك التي تم اكتشافها وضبطها من خلال ممارستها لمهامها أو تلك التي تم ضبطها من قبل ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد بحسب الأحوال طبقاً لقانون عملها رقم 20 لسنة 2013م ولائحته التنفيذية.

يرى البعض ضرورة أن تكون جرائم الفساد المالي والإداري محصورة في جهة واحدة لها جميع الاختصاصات، من بداية نشأة المخالفات محل التحقيق حتى الادعاء فيها أمام المحاكم المختصة، وصدور الأحكام بشأنها، هل تؤيدون ذلك؟

لا نؤيد ذلك، فلكل اختصاصه المناط به على النحو الذي تمليه القوانين الخاصة التي تعمل كل منهم بمقتضاها غاية تحقيق الأهداف الذي صدر لأجلها، على النحو الذي أوضحناه فيما سبق، ووراد تفصيلاً بالقوانين المنظمة لهم، سيما وأن ذلك مبني على قرينة الدمج التي سبق وأن شُرّعت في السابق ولأكثر من مرة فيما بين الجهازين الإداري والمالي وحال دون تحقيق الهدف المرجو الذي تحقق بعد الفصل .

ترصدون الفساد وتصدرون التقارير السنوية لمؤشراته في مؤسسات الدولة الليبية، لكن هل الحكومة مهتمة فعلياً بإيجاد آليات حقيقية واضحة للمكافحة، وماذا عن دور مجلس النواب المنعقد بالعاصمة طرابلس؟

لا شك أن الهيئة تتولى رصد الفساد ومؤشراته بموجب تقاريرها السنوية التي تصدر عنها بشكل سنوي، إلا أن الحكومة ومن خلال تقييمنا لأدائها أيضاً فهي لم تتمكن من إعداد خطط عملها التي تُحدد على أساسها الأولويات والسياسات العامة للدولة التي يقتضي أن تسير على نهجها وفقاً لما نص عليه الاتفاق السياسي، ولم تتمكن أيضاً من وضع السياسات والخطط الاستراتيجية اللازمة المزمع تنفيذها من قبلها غاية إصلاح الجهاز الإداري التنفيذي الخاضع لتبعيتها وإشرافها ما أدى بها إلى التقصير في معالجة ما يرد إليها من ملاحظات بما يكفل التمهيد لدرئها وتلافيها؛ ضماناً للإصلاح.

أما بشأن دور مجلس النواب المنعقد بالعاصمة طرابلس، فهو في حال كونه السلطة التشريعية التي تتولى اصدار التشريعات والقوانين التي تعمل كل الجهات بمقتضاها ومختص أيضاً من خلال لجنته المناط بها متابعة الأجهزة الرقابية في الدولة، فنحيل إليه كل ما يتطلب تعديله من نصوص قانونية تستوجب ضماناً لمكافحة الفساد وكل ما يتعلق بأدائنا من مخاطبات تتضمن الإصلاح طبقاً للقانون.

كم عدد قضايا الفساد المالي والإداري التي تعاملتم معها حتى الآن؟

تقوم الهيئة من خلال أداءها لواجباتها من خلال الإدارة المختصة وهي الإدارة العامة للتحقيق بالتحقيق في المخالفات المالية والإدارية وما يتكشف لها من جرائم جنائية مع كافة المسؤولين عن تلك المخالفات وإحالتهم إلى المحاكم الجنائية والتأديبية حسب الأحوال، فعلى سبيل المقال تم خلال العام الماضي التحقيق في 338 قضية، تم التصرف في عدد 135 منها تضمنت 308 متهم، 35 منهم متهمون في عدد 13 قضية أحيلوا إلى غرفة الاتهام، و59 آخرين متهمون في 24 قضية أحيلوا إلى المحاكم الجزئية، و 184 متهماً في 60 قضية أحيلوا إلى المجالس التأديبية للمخالفات المالية، و22 متهماً في 15 قضية أحيلوا إلى المجلس التأديبي الأعلى، و8 متهمين في 8 قضايا أحيلوا إلى المجالس التأديبية المختلفة بالجهات العامة، ومتهمان اثنان أحيلا إلى مكتب النائب العام.

فيما تتمثل وقائع القضايا التي أشرت إليها؟

عديدة، وهي الإهمال والتقصير في حفظ وصون المال العام، وتزوير وثائق رسمية، واستعمال الوثائق العرفية والرسمية المزورة، واستخدام المال العام في غير الأغراض المخصصة له، واختلاس الأموال العامة والاستيلاء عليها، وإساءة استعمال السلطات الوظيفية لنفع الغير أو الإضرار به، والإهمال والتقصير في أداء الواجبات الوظيفية، والتصرفات الخاطئة التي يترتب عليها صرف الأموال العامة بدون وجه حق، مع ضرورة الإشارة إلى أن أعضاء الهيئة يقومون بمباشرة الدعاوى الجنائية أمام المحاكم المختصة وغرف الاتهام وكذلك المجالس التأديبية للمخالفات المالية، وأيضاً متابعة تنفيذ الأحكام القضائية والطعن فيها.

لكن هل قمتم بإحالة أي من تلك القضايا للقضاء ليعطي انطباعاً بجدية الحكومة في التعاطي مع ملف الفساد، وكذا رسالة بأنه لا حصانة لفاسد مهما كان موقعه ومسؤوليته؟

نعم تم إحالة من ثبتت مسؤوليته الجنائية والتأديبية إلى ساحات القضاء والمجالس التأديبية المختصة بمحاكمتهم وفق القانون، وتقوم الهيئة وفق اختصاصاتها بإخطار الجهات العامة والدوائر الحكومية ببدء التحقيق مع الموظف حتى إعلانه بمواعيد الجلسات المتداولة بالمحاكم والمجالس التأديبية، وهذا الأمر – طبعاً – يترتب عليه تحقيق الردع للمسؤولين بتلك الجهات ويقلل من ارتكاب الجرائم، ويحد من تفشي ظاهرة الفساد الإداري، ويعد ذلك الهدف السامي من إنشاء الأجهزة الرقابية.

بخصوص التشريعات التي أنجزتها الحكومة لتعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد، هل أنتم راضون عنها، أم أننا اليوم بأمس الحاجة إلى إعداد مشروع قانون من أين لك هذا وتفعيل آليات إشهار الذمة المالية من خلال قانون الكسب غير المشروع؟

أولاً الحكومة غير مختصة بإصدار التشريعات، فهي اختصاص السلطات التشريعية، كما أسلفنا، وفي حقيقة الأمر نرى أن هناك بعض التشريعات تحتاج لمزيد من الدراسة وإيجاد آليات لتعديلها بما يتماشى مع المرحلة التي تمر بها الدولة، وبما يخدم المصلحة العامة، ويقلل من مظاهر الفساد، ونحن لا نمانع في إعادة عرض القوانين التي أشرتم إليها على السلطة التشريعية لدراستها وتنقيحها وإقرارها؛ نظراً إلى الحاجة الماسة إليها في هذه المرحلة الصعبة.

تعرضت ليبيا لأشكال الفساد المختلفة على الرغم من وجود ثلاثة أجهزة رقابية، لكن هل تقوم تلك الأجهزة – بما فيها هيأتكم – بدورها وواجباتها على أكمل وجه أم أن الفساد طور من أدواته وأساليبه بإيجاد امتدادات خارجية له حال دون رصده وكشفه؟

لا شك أن كل الأجهزة الرقابية تسعى جاهدة ودون تهاون في مباشرة الاختصاصات المسندة إليها، لمنع الفساد وكبحه الذي أصبح وباء غادرا، تسبب في عديد الآثار الضارة سيما في ظل الانفلات الأمني الذي تمر به بلادنا الحبيبة، وكل الثورات عقب حدوثها، و رغم ذلك فإنه لا بد من توضيح أن هذه الأجهزة الرقابية وإن كان كل منها يعمل وفق طبيعة قانونها الخاص الذي حدد أهدافها واختصاصاتها، إلا أنها تسعى متفقة على وضع استراتيجية تقوم على الأسس القانونية المثلى لخلق التعاون والتكامل في الاختصاصات بما يعزز الأدوار فيما بينها لمكافحة الفساد المالي والإداري الذي بات عنصراً رئيسياً في تدهور الأداء بكافة أجهزة الدولة التنفيذية وعلى صعيد قطاعيها العام والخاص.

هيئة الرقابة الإدارية : حققنا في 338 قضية خلال العام الماضي

الداخلية تطالب المواطنين بعدم الخروج قدر الإمكان، وتجنب التجمعات