in

حكم محكمة استئناف طرابلس، هل أنصف أهالي الضحايا، أو المتهمين؟

حكمت محكمة استئناف طرابلس، الأحد، بإسقاط التهمة عن المتهمين في قضية سجن أبوسليم؛ بسبب انقضاء مدة الخصومة بعد عديد الجلسات منذ سنين، كان ينتظر خلالها أهالي الضحايا في كل جلسة حكماً عادلا قد ينصفهم.

القضية التي ظل النظام السابق ينكر حدوثها أو التحدث عنها أو تناولها بأي شكل من الأشكال، وهي المجزرة التي صبت فيها قوات خاصة حمم نيران بنادقها ورشاشاتها على سجناء عزل، لا تهمة لهم إلا أن لهم رأياً آخراً.

عملية قتل جماعية وقعت في الـ30 من يونيو 1996 وراح ضحيتها نحو 1269 معتقل معظمهم من سجناء الرأي، عُدت إحدى أبرز القضايا التي كانت سبباً في اندلاع ثورة الـ17 من فبراير، عندما خرج أهالي الضحايا في وقفة في مدينة بنغازي مطالبين بمعرفة مصير أبنائهم الذين كانوا قُتلوا ولم يعرف مصيرهم ولا جثثهم.

لم يطالب أهاليهم ومعهم منظمات حقوق الإنسان من وقتها إلا بالكشف عن مصير ورفات السجناء الذين اغتيلوا بدم بارد خلال ساعات محدودة، ولكن وبعد ثوة السابع عشر من فبراير، وبعد إلقاء القبض على معظم المتهمين في القضية تعالت مطالب أهالي الضحايا بضرورة محاكمة المتهمين وإنزال أقسى العقوبات بحقهم.

ولمعرفة الآراء حول القضية وملابسات حكم المحكمة، استطلعت الرائد آراء بعض القانونيين والمحللين السياسيين.

الحكم يعكس حالة السلطة القضائية الحالية

الكاتب والمحلل السياسي علي أبوزيد، قال بأن حكم المحكمة اليوم يعكس حالة السلطة القضائية التي يتعمد رجالها تغييبها عن كيان الدولة التي هي أحد أعمدته، بحجة المحافظة على المؤسسة العدليّة من الانقسام، وهي حجة واهية أدّت إلى ضياع حقوق الناس واستشراء الفوضى والإسهام في الإفلات من العقاب.

وأضاف أبو زيد، في تصريح للرائد، أنه لا أحد يريد التعقيب على حكم قضائي، ولكن عندما يكون أداء المؤسسة القضائية ضعيفاً وتحوم حوله الشبهات، وعندما يتعمد المجلس الأعلى للقضاء عدم تسمية نائب عام رسمي، فلا غرابة من أن يصدر مثل هذا الحكم، وعندها فمن حق كل مواطن أن يعقّب على هذا الأداء الذي يؤدي إلى مثل هذه الأحكام التي لا يخفى على أحد جورها وظلمها وإجحافها، وفق تعبيره.

إسقاط التهمة عن بعض المتهمين خيانة

المحامي وأستاذ القانون الدولي سامي الأطرش، أكد أن حكم محكمة استئناف طرابلس بإسقاط التهمة عن بعض المتهمين في قضية أبوسليم لا يعتمد فيها قانون “التقادم” الذي يقضي بإطلاق سراح المتهم بعد وصوله لعدد معين من السنوات داخل السجن.

وأضاف الأطرش، في تصريح للرائد، أن هذه القضية تعد قضية متفرعة، وليست جريمة في حق فرد، بل جريمة في حق 1200 مواطن، موضحاً أن قضية أبوسليم تندرج تحت قانون الانتهاكات الدولية الموقعة عليها ليبيا منذ سنوات النظام السابق، ولا يمكن أن يُطبق فيها قانون التقادم.

وأشار الأطرش إلى أن وجود بعض المحسوبين على النظام السابق في الدوائر القضائية قد يكون هو السبب في إصدار مثل هذا القرار معتبراً إياه “قرارا كارثيا”، وخيانة “لثورة فبراير” على حد قوله.

سقوط الجريمة قانونياً لايعني سقوطها إنسانياً ولا أخلاقياً

ومن جهته حلل المحلل السياسي فيصل الشريف رأيه بالقول، إن المادة 107 من قانون العقوبات الليبي، نصت على أنه تسقط العقوبة عن المتهم بعد مرور عشر سنوات من وقوع الجريمة، إذا لم تكن هناك ملاحقة قضائية ورفع دعاوى فيها أمام المحاكم قبل مضي السنين العشر.

وأضاف الشريف في صفحته الرسمية، غير أن القانون رقم 11 لسنة 1997، وبعد مرور سنة على جريمة أبوسليم، نص في المادة الأولى، أنه لا تنقضي الجرائم الجنائية مهما مرت من سنين وأنها لا تسقط بالتقادم، وهو الأمر المنطقي والقانوني الذي ألغى المادة السابقة التي نصت على إسقاط التهم عن الجاني بعد مرور عشر سنوات من ارتكابها.

لكن الشريف أكد بأن سقوط الجريمة الجنائية قانونيا، لا يعني مطلقاً بأنها سقطت إنسانيا وأخلاقيا. ونتساءل بعد هذا الحكم، من سينصف الضحايا وأهاليهم ومنظمات حقوق الإنسان التي لم تدخر جهداً في متابعة القضية وملاحقة المتهمين فيها بصبر وبحكمة.

كلام يجر بعضه…. غيض من فيض

7 أمراض يسببها ‫التوتر النفسي