in

على هامش تقرير الخبراء

تقرير لجنة الخبراء المعني بليبيا والمكلف بمتابعة الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بها منذ 2011، أظهر كثيراً من الحقائق التي كانت محلّ تشكيك بين أطراف الصراع في ليبيا، وكشف عن الإنفاق الهائل والتمويل الباذخ الذي تقدّمه دول محور الاستبداد العربي إلى رجلها في ليبيا “خليفة حفتر”.

وبرغم أن التقرير -كما جاء فيه- لم يغطِّ كل التجاوز ولم يرصدها جميعاً بسبب صعوبة الوضع الأمني في ليبيا، وقلة مصادر المعلومات الموثوقة، وبعض التعقيدات اللوجستية والبيروقراطية، فإن ما ورد في هذا التقرير يوضح مدى ضخامة الاستثمار الذي يتمّ في مشروع حفتر الاستبدادي من قبل دول الخراب والتدمير العربي.

التقرير اتخّذ من حرب حفتر على العاصمة طرابلس في أبريل الماضي محوراً دارت عليه كل جزئياته، فبسبب هذه الحرب -كما جاء في التقرير- توقّفت العملية السياسية تماماً وذهبت كل المجهودات التي بذلت فيها أدراج الرياح، كما أنها أدّت إلى ارتفاع وتيرة التدخل الأجنبي بحجم أكبر وأكثر تأثيراً، إضافة إلى تزايد نشاط بقايا تنظيم داعش في وسط وجنوب ليبيا، والذي وجد مساحات من الفراغ بسبب الحرب على العاصمة، فضلاً عن تعطيل حزمة الإصلاحات الاقتصادية والترتيبات الأمنية، وما سبّبته أيضاً عن هذه الحرب من تردٍّ للوضع الإنساني الناتج عن حالات النزوح الواسعة من جنوب العاصمة طرابلس وتضرّر البنية التحتية وتعطل المطارات والمنشآت المدنية.

وبما أن التقرير يتمحور حول الحرب على العاصمة طرابلس وما نتج عنها من ارتفاع في التدخل الخارجي، فإن المطالع لهذا التقرير يدرك أن الرجال الذين يقاتلون على تخوم العاصمة طرابلس يسطرون ملاحم من الصمود الأسطوري ضدّ هذه المليشيات متعددة الجنسية، والتي استعان بها حفتر من السودان وتشاد وأخيراً مرتزقة الفاغنر الروسية، إضافة إلى السلاح النوعي الذي يتدفق إلى قوّاته بسخاء وبشكل مستمرّ، مع الغطاء الجوّي الذي توفره الطائرات المسيرة التي لم تتوانَ في قصف المواقع المدنية قبل العسكرية.

هذا الدعم الكبير الذي لا ينقطع عن مليشيات حفتر إذا ما قورن بالدعم المتواضع الذي حصلت عليه قوات حكومة الوفاق فإنه يؤكد عدالة القضية التي يقاتل من أجلها هؤلاء الأبطال الذين يدافعون عن مدنية الدولة ومكاسب الحرية التي نالوها بعد ثورة فبراير.

ومن يطالع التقرير يجد أعداد المرتزقة الكبيرة من السودان وتشاد الذين يعتمد عليهم حفتر ضمن صفوف قواته، والذين يغطون محاور كاملة، إضافة إلى أن التقرير لم يتناول وجود المرتزقة الروس لأنهم تواجدوا بعد الانتهاء من جمع البيانات الخاصة بالتقرير، ويؤخذ على التقرير أنه ينسب لحكومة الوفاق قوات من المعارضة التشادية تتواجد في الجنوب بسبب الفراغ الأمني هناك ولا علاقة لحكومة الوفاق بها، ولو كانت هذه القوات تتبع حكومة الوفاق لكانت اليوم تقاتل معها جنوب العاصمة طرابلس.

وقد ذكرت تقارير صحفية أن هناك تفاهم فرنسي مع حفتر بخصوص مقاتلة المعارضة التشادية مقابل تقديم الدعم له، وهذا ما يفسر الزيارات التي قام إلى تشاد والتقى فيها مع الرئيس التشادي إدريس دِبّي، ويأتي هذا التنسيق ضمن الخطة الفرنسية في الوسط الأفريقي التي تسعى إلى تكريس وتثبيت الأنظمة الشمولية مقابل تأمين المصالح الفرنسية وفق ما يسميه وزير الخارجية الفرنسي “لودريان” باستراتيجية الأمن أولاً.

التقرير تناول أيضاً دوراً سلبياً للأردن والتي توفر الأسلحة والآليات لميليشات حفتر إضافةً إلى التدريب، ويبدو أن الأردن من خلال التقرير تريد الاستفادة من أموال الداعمين لحفتر، غير آبهةٍ إلى دماء الليبين التي تُسفك بهذه الأسلحة، كما أن هذا التقرير أكّد على دور الإمارات الرئيسي في دعم حفتر، والإمارات اعترضت مرتين متتاليتين على تصريح رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ومندوب ليبيا الدائم في الأمم المتحدة عندما صرّحا بدوره العدواني الداعم لميلشيات حفتر.

إن هذا التقرير جاء ليؤكّد على خذلان المجتمع الدولي لليبيين، وتخليه عن مسؤولياته وغضّه الطرف عن التجاوزات التي قامت بها كثير من الدول وعلى رأسها الإمارات ومصر والأردن، والتي ذكرت في التقرير السابق، إلا أن عدم اتخاذ أي إجراء بخصوصها جعلها تتمادى وتستمر في دعمها لمشروع حفتر الاستبدادي، لذلك فإن حكومة الوفاق مطالبة بتحرك دبلوماسي واسع بناءً على هذا التقرير لتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وهي مطالبة أيضاً بالتصعيد من نهجها الدبلوماسي مع دول صار واضحاً للجميع أنها شريكة في العدوان وراعية له ومستفيدةٌ منه، وعلى رأسها الإمارات والأردن ومصر.

5 ميزات لتطبيق واتساب يجب أن يعرفها الجميع

في ذكرى تأسيس اليونسيف… حفتر يقتل أطفال ليبيا بدم بارد