in

بعد انكساره على أسوار العاصمة…حفتر يشترط حصوله على مناصب لسحب ما تبقى من قواته

الحرب على طرابلس لا خسارة فيها، هكذا رآها حفتر بعد إعلان “فتحه المبين” على عاصمة الليبيين ضاربًا بعرض الحائط كل الاتفاقات السياسية قبيل انعقاد المؤتمر الوطني الجامع الذي كان من المقرر عقده منتصف أبريل الماضي برعاية بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا.

التصدي البطولي لقوات الجيش الليبي سبب خسائر فادحة لعناصر حفتر طوال الأشهر الخمسة الماضية، لتتحطم أحلام حفتر على أسوار العاصمة العصيّة ويخرج حفتر بعدها مستنجدًا بالدول الداعمة له لتحفظ له ما تبقى من ماء وجهه الغارق في دماء الليبيين.

حفتر الذي شرد أكثر من 100 ألف من سكان طرابلس وضواحيها، وقتل حتى الآن أكثر من 1500 شخص، ودمر مؤسسات الدولة ومنازل المواطنين ـ ظهر في ثوب الضعيف ليشترط حصوله على مناصب في الدولة ليسحب قواته المهزومة من محيط طرابلس.

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أكد، في تصريحات لصحيفة “ليبراسون” الفرنسية، أن حفتر اشترط ليسحب عناصره من تخوم العاصمة ضمانات يحصل من خلالها على مناصب سيادية.

سلامة الذي عدّ، وفق الصحيفة الفرنسية، هجوم حفتر على طرابلس إهانة له ولرئيسه الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس” بعد أن أوشك على الانتهاء من التحضيرات للمؤتمر الجامع الذي كان سيعقد في أبريل المنصرم.

المجلس الرئاسي، بدوره، أكد، في وقت سابق، أنه لن يفتح باب التفاوض إلا بعد دحر القوات المعتدية وإرجاعها إلى أماكن انطلاقها، موضحًا أنه يجب أن تكون هناك نخبة سياسية فاعلة من مفكرين وأساتذة جامعيين وسياسيين هي من تتصدر الواجهة السياسية للمنطقة الشرقية، ولا يجب أن يكون حفتر هو من يمثلها.

هزيمة حفتر تلوح في الأفق

الكاتب الليبي عبد الله الكبير قال، إن سلامة رأى أن هزيمة حفتر تلوح في الأفق؛ ولذلك يُقدّم هذا العرض الذي سيقبله حفتر إذا وجد استجابة من خصومه، أما إذا قوبل بالرفض فسينكر حفتر ذلك ويروج عبر أدواته الإعلامية أنه ماضٍ في مشروعه.

وأوضح الكبير، في تصريحه للرائد، أن سلامة يقيّم الأمور بواقعية، ويرى الاندحار الوشيك لحفتر، وبحكم عمله وسيطا أمميا فهو يأمل أن تعود المفاوضات بين السراج وحفتر من دون أن يتجاهل مستجدات ما بعد الحرب وصعود أطراف جديدة لا يمكن إبعادها من أي تسوية سياسية.

بداية التلميح

وأشار الكاتب علاء فاروق إلى أنه لو كان نقل هذه التصريحات دقيقا وترجمتها صحيحة ـ فإن الأمر يدخل في إطار بداية التلميح بقبول التفاوض مع الوفاق وعسكرييها، وهو سيناريو متفائل نتوقعه.

وأضاف فاروق، في تصريحه للرائد، أن هناك سيناريو آخر أسوأ وهو أن يكون”سلامة” يحاول إظهار حفتر بمظهر رجل السلام الذي يقبل التفاوض وحكومة الوفاق والغرب الليبي بمظهر المتعنت، خاصة بعد تصريحات المتحدث باسم بركان الغضب التي رفض فيها أي حوار الآن، لافتا إلى أن الرهان يبقى على مصداقية المبعوث الأممي وضغطه الدولي على المتعنت الحقيقي في قضية التفاوض وهو حفتر.

محاولة سياسية بعد فشله العسكري

في المقابل، رأى الكاتب علي أبوزيد أن المحاولات السياسية السابقة مع خليفة حفتر باءت كلها بالفشل؛ لانعدام المصداقية لديه وعدم إيفائه بالتزاماته، ولذلك فإن هذا التوجه المفاجئ من حفتر، وإن كان اعترافًا ضمنيًّا منه بفشله في اقتحام طرابلس وبيان زيف وكذب مبرراته في أنه يحارب الإرهاب ـ يجب التعامل معه بحذر، خاصة مع استمرار الدعم من الدول المساندة له.

وأضاف أبوزيد، في تصريح للرائد، أنه من غير المستبعد أن يكون هذا التوجه من حفتر مناورة سياسية الغرض منها إرباك الصف الداخلي للوفاق، ومن يدافع عن مدنية الدولة بإلقاء الكرة في ملعبهم دون موقف واضح منه، كما أن هذا التوجه ربما يأتي تماهيًا مع التوجه الدولي الذي بدأ يتحرك، وإن ببطء، نحو إحياء العملية السياسية، وهو بهذا يحاول كسب المزيد من الوقت.

المهزوم لا يضع شروطا

ورأى المحلل العسكري عادل عبد الكافي، أن المهزوم لا يضع شروطا لانسحابه، بل المنتصر هو من يفعل ذلك، ومليشيات حفتر قد هزمت على الأرض، ومصطلح “انسحاب” يعنى وجود قوات تملك قدرة قتالية فعالة على الأرض، وهذا ما تفقده مليشياته، والمصطلح الأصح أنه يريد ممرات آمنة لخروج ما تبقى من مليشياته المهزومة.

وأضاف عبد الكافي، في منشور على صفحته الرسمية، أن غسان سلامة يشتري ماء وجه لحفتر بعد هزيمته بتصريحات كاذبة عن أن هناك أطرافا مستعدة للجلوس مع حفتر، فعن أي أطراف يتحدث؟ فقد اتفقت القوة العسكرية على القضاء على حفتر، وأدركت القوى العسكرية والسياسية أن حفتر لن يوقف حروبه ولا اغتيالاته ولا مؤامراته، ولذلك فالكل مؤمن أن بقاء حفتر وكيلا لداعميه هو الخطر الحقيقي على البلاد.

وفي ظل الواقع الراهن، لم يعُدْ لدى حفتر أوراق رابحة للتفاوض بها بعد انتصارات الجيش الليبي على عناصره منذ يومين وتقدمهم نحو آخر معاقلهم، وذلك بدأ حفتر يفكر في التضحيه بعناصره وتسليم المناطق الخاضعة له مقابل إعطائه منصبا يحفظ ماء وجهه.

فوائد الرمان الصحية

مقابلة خاصة مع عميد بلدية سرت “مختار المعداني”