in

الجنوب بين السراج وحفتر


لا أستطيع الجزم بأن قرار المجلس الرئاسي تعيين الفريق ركن “علي كنّه” آمراً لمنطقة سبها العسكرية ـ لن يغير شيئا في الصراع الدائر بالمنطقة الجنوبية، ولكني أعتقد أن هذا القرار جاء متأخرا، وقد فات أوانه، فالجيش التابع لمجلس النواب تمركز جيداً في المنطقة وبدأ يضع الخطط الإستراتيجة هناك على عكس ما فعله الرئاسي الذي أصدر القرار ولم يُتبعه خطوات داعمة له حتى الآن غيرَ إصداره لبيان يدين فيه قصف الطائرة التي تنقل “كنّه”.

لو قلنا إن الصراع في الجنوب بين فائز السراج وخليفة حفتر هو من أجل الوطن والمواطن وتأمين المنطقة ومحاربة الجريمة فهذا القول يعتبر غير عقلاني بالمطلق، فمن المؤكد أن أطراف الصراع لا تهمها إلا السيطرة على موارد النفط في البلاد، وكسب موطئ قدم في منطقة جغرافية هي الأصعب في البلاد.

القول المذكور تعززه تصريحات الطرفين، ففي أول تصريح لكنّه منذ توليه إمرة المنطقة العسكرية سبها أعلن أن قوات “الجيش” لم تسيطر على حقل الشرارة النفطي، الذي يعد أكبر الحقول المنتجة في البلاد، ولو استمعنا للطرف الآخر فأغلب تصريحاته تؤكد أنهم سيطروا على الحقول وأمَّنوها، وبعد النظر إلى هذه التصريحات يتضح جليا بأن الحرب في الجنوب ليست من أجل المواطن أو استرجاع الأمن في الجنوب.

وبهذا يتأكد – بحسب الواقع – أن الحرب في المنطقة الجنوبية هي حرب نفوذ، ونأتي إلى الأدوار التي ستُلعب هناك، ولمن ستكون الكلمة الأخيرة؟

في اعتقادي أن المشهد القادم في الجنوب لن يتغير على ما هو عليه، ولن يستطيع “كنّه” المكلف من الرئاسي أن يفعل شيئا، بل أميل إلى أن المنتصر هو قوات الجيش التابع للبرلمان للأسباب التالية:

  • قيامها بضربة استباقية في الحرب والسيطرة على مواقع، وإعلان غرفة عمليات قبل الخصم، يعتبر نقطة نحو الحسم.

– الدخول للمنطقة والبدء بإنشاء البوابات والمجاهرة بالأمن جعلت من المواطن يلتف حول هذه القوات وهذه نقطة مهمة حسبت لـ “الجيش الليبي”.

– الدعم الدولي لهذه القوات أصبح يتسع أكثر خاصة بعد تصريحات غسان سلامة الأخيرة التي أشاد فيها بالعملية العسكرية لهذه القوات.

– والنقطة الأهم هي دعم القبائل وفرنسا وتشاد لهذه العملية، الأمر الذي سيساعد قوات الجيش في السيطرة على المنطقة.

هذه الأسباب تعطي للجيش الليبي التابع للبرلمان الفرصة الأكبر في السيطرة على الجنوب، كما أن هناك أسبابا تقلل فرص المجلس الرئاسي في السيطرة على الجنوب وهي:

-تأخر الرئاسي في الالتفات إلى الجنوب الذي طالت معاناة أهاليه.

– عدم قدرة الرئاسي على إرسال قوة لتأمينه، خاصة بعد خذلانه للقوة الثالثة التي كانت موجودة هناك، وإهماله لقوات البنيان المرصوص التي هزمت تنظيم الدولة في سرت.

– فقدان الرئاسي للتأييد الشعبي الذي حظي به عند دخوله؛ لأنه لم يقدم المطلوب.

ـ لا يوجد دعم عسكري للرئاسي من دولة معينة على عكس قوات الجيش التي تقف معها روسيا وفرنسا ومصر والإمارات بشكل واضح وصريح.

-اختيار “كنّه” وهو من مكون الطوارق الذي سلك مسلك السلام في هذه الحرب، وضعه في موقف ضعف، إذ كان عليه أن يختار شخصية بارزة من مكون التبو الذي يخوض الحرب ضد “الجيش”.

وأما طلب المجلس الرئاسي التدخل الدولي بعد قصف طائرة للخطوط الجوية الليبية بحقل الفيل من قبل قوات جيش المنطقة الشرقية فالمرجح أن هذا الطلب لن يتفاعل معه المجتمع الدولي إلا من خلال إصدار بيانات إدانة ستدعو إلى الاحتكام إلى لغة الحوار وتقريب وجهات النظر.

ورغم ذلك فإن للسراج فرصا داخلية وخارجية لو استغلها جيدا فربما يتغير المشهد وتميل الكفة لصالحه وهي:

-استثمار موقف الجزائر المناهض لقائد “الجيش الليبي” خليفة حفتر.

-طلب دعم الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا باعتبارها مساندة له كونه الحكومة المعترف بها دوليا، في فرض حظر جوي على المنطقة الجنوبية، وهذا سيؤدي إلى شل حركة التنقل وإرسال التعزيزات لقوات “الجيش”.

-إرسال قوات من الزنتان ومصراتة وغريان والزاوية لتأمين الجنوب وبسط الأمن فيه.

-دعم مكون التبو الذي أعلن موقفه الرافض لعملية “الجيش الليبي” في الجنوب.

– قيام الخارجية الليبية بجولة على دول الحدود الجنوبية وتفعيل التواصل معهم.

– تفعيل التواصل الاجتماعي مع قبائل ومكونات الجنوب لاختراق التحالفات القبلية التي عقدها حفتر.

فبراير ولادة وطن

فتق المعدة: الأسباب والأعراض والعلاج