in

إسرائيل – تشاد والهدف ليبيا

بعد زيارات نتنياهو وآخرها إلى سلطنة عمان ، وبعد التقارب المعلن بين تل أبيب وبعض عواصم العرب منها أبوظبي والرياض ، ومع علاقات دافئة تجمع إسرائيل بدول الطوق كمصر والأردن ، ناهيك عن تفاهمات مع الداخل الفلسطيني ممثلاً في السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح ، لم يعد لأحد من دول طوق الطوق أو أي دولة في العالم لا تمت لها القضية الفلسطينية بصلة و سواء كانت هذه الدولة إسلامية أم لا ، لم يعد لها ذلك الحرج الكبير في التعامل العلني مع تل أبيب واستقبالها واستثمار نفوذها الكبير على عواصم العالم الغربي تلبية لمصلحة هذه الدول ، فجميعهم يعلم تماماً أن تل أبيب هي الطفل المدلل لقوى عظمى ناهيك عن دول أقل شأناً .

ومن هذه الدول التي فهمت هذه المعادلة جارتنا الجنوبية تشاد التي تسارع الخطى لبناء أواصر التعاون بين أنجامينا وتل أبيب فبعد زيارة إدريس دبي لإسرائيل ها هو نتنياهو يزور تشاد في غضون أسابيع قليلة ليؤكد ربما عن ثقته بحليف جديد يتوسط قارة إفريقيا ويتاخم دولاً من دول الطوق الإسرائيلي كمصر والسودان ودولة بعيدة جغرافياً عنها قريبة عقدياً وفكرياً للقضية الفلسطينية وهي ليبيا.

بالتأكيد لن أكتب مقالاً أفصل فيه عن طبيعة العلاقات بين البلدين وما يهم كليهما كالحاجة الإسرائيلية لفتح تشاد لمجالها الجوي لتعبر من خلاله شركة الخطوط الجوية الإسرائيلية (( العال )) نحو أمريكا الجنوبية والبرازيل تحديداً ، ولكن الحديث هنا عن مصلحة مشتركة ربما حسب ما ذهب إليه بعض المراقبين ، هذه المصلحة المشتركة تكمن في ليبيا غير المستقرة ، ليبيا الغنية المتاخمة لتشاد الفقيرة ، فليبيا بصورتها الحالية بالنسبة لتشاد فرصة لا يمكن تعويضها ، فالفضاء الصحراوي الضخم الذي نقلت فيه تشاد معركتها مع معارضيها على أرضه دون أن تحتاج لتُسمع مواطنيها صرخات المدافع فليسمعها الليبيون فقد تعودوا !! ، والتي يمكن أن ينتقل هذا الدور إلى دور أكبر ومطمع أفضل حينما تدرك أنجامينا، أو أنها أدركت، أن الأرض التي تتقاتل فيها مع معارضيها لا بشر بها يستصرخون ولا حكومة إن سمعت تلبي النداء ، فتنتقل هنا إلى الطمع في ضمها بقوة السلاح أو قوة العلاقة ، ولكن العلاقة مع من ؟ ومن ذا الذي سيسمح لتشاد بأن تضم أراضٍ ليبية بنفطها ومائها وذهبها إلى جغرافيتها ؟

هذا بالنسبة لتشاد وأكثر ، وماذا عن إسرائيل ؟

لم تكن النظرة الإسرائيلية الصهيونية إلى ليبيا بحديثة عهد ، فلقد وضع الصهاينة ومنظروا قيام دولة إسرائيل ليبيا ضمن خيارات المناطق التي ستقام عليها الدولة إلى جانب الأرجنتين وأوغندا وفلسطين ، فلقد قدم الصهيوني ( إسرائيل زانجويل ) مقترحاً لجعل الجبل الأخضر في برقة التاريخية موطناً ومقاماً للدولة المنشودة ولكن الترجيح السياسي والثقافي وهوى اليهود ظل متعلقاً بفلسطين فكانت هي الخيار ، ولن أتحدث عن أطماع إسرائيلية مباشرة في ليبيا من وجهة نظر العروبيين كالقول بأنها تريد من وراء ذلك ضرب العروبة الليبية وشقها كي لا تستمر في تناغم مع مثيلاتها في دول مجاورة عربية واستخدامها لأنجامينا في ذلك بدعم مكون غير عربي كتبو تشاد في تحقيق هذا الأمر ، ولكنني لن أستبعد المطامع الاستراتيجية لتل أبيب في مساعدة عواصم أخرى لعرقلة طرابلس وتنمية ليبيا بعد استقرارها ، فاستقرار ليبيا الغنية بالموارد الطبيعية ونموها في ظل نظام ديمقراطي سيساعد في تكبير كرة الثلج الصغيرة التي تخشى إسرائيل من تعاظم حجمها ، وهذه الكرة هي القوة الإسلامية والعربية التي ستهدد وجود إسرائيل برمتها ، وتلعب ليبيا دوراً مهماً فيها لاعتبارين الأول غناها في الموارد لتلعب دور المساند لدول المواجهة كمصر ولبنان وسوريا والثاني تشرب شريحة كبيرة من مواطنيها لفكر مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومناصرة القضية الفلسطينية .

وقد اهتمت شخصيات عديدة في المشهد الليبي بزيارات دبي ونتنياهو المتبادلة وربطها بالأمن القومي في ليبيا، وذهب كثيرون لاحتمال طمع تشادي في مقاطعة الكفرة الغنية بمساعدة إسرائيل ، التي سيساعدها اقتطاع جزء من ليبيا لصالح دولة أخرى يضمن ولاءها للداخل الإسرائيلي كتشاد، ويعزز فرص عدم تكبير كرة الثلج بإفقار ليبيا وتقليص مورد غناها لصالح عاصمة تدخل تحالفاً بدأ يكبر يوماً بعد يوم، ضم في السابق عمّان والقاهرة وأبوظبي، وأصبح اليوم يتباهى بالرياض ومسقط بمعية واشنطن وباريس، عنوانه ( مكافحة الإرهاب ) .

والملاحظ أن هذه الزيارة تبدو متزامنة مع حملة يقودها كبير عملية الكرامة خليفة حفتر تستهدف الجنوب الليبي “بروازها” محاربة المرتزقة الأجانب من المعارضة التشادية الذين يتمركزون في الصحراء الليبية لمحاربة نظام إدريس دبي وربما يكون مضمونها دعم مصالح تشادية تخص قطاع الكفرة ، فحفتر الذي يستعين بمرتزقة متعددي الجنسيات لن تنطلي علينا وطنيته في محاربة المعارضة التشادية بأيدي قوات العدل السودانية اليد الضاربة له في ليبيا .

على أي حال وبعيداً عن التكهنات ، على الدولة الليبية ممثلة في رئاسيها وخارجيتها ودفاعها الأخذ بالأسباب المعلنة والمبطنة لاتخاذ أي رد فعل قد ينجم عن أي تحرك تشادي بدعم إسرائيلي بأيادٍ ليبية متآمرة ، وأن تتواصل مع عواصم حليفة لتستبين حقيقة التقارب التشادي الإسرائيلي ، وأن تستخدم نبرة أعلى وتصعيداً كلامياً يسبق فعلاً تصعيدياً بمثابة ردة فعل كالذي استخدمه الرئاسي ضد بيروت في قمتها الأخيرة.

المصدر: موقع ليبيا الخبر

الممكن غائب في سياستنا

عميد بلدية البوانيس: الجنوب بحاجة إلى بناء مؤسسة عسكرية لا توفير قوات مؤقتة