in ,

المؤتمر الجامع …بين آمال المستقبل وتحديات الواقع

المؤتمر الوطني الجامع، منذ أكثر من عام ذُكر هذا المسمى ضمن خارطة طريق قدمها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة بعد استلامه لمهامه.

جاء عرض هذه الخارطة أملا في معالجة الانسداد السياسي وحالة الانقسام التي تخنق المؤسسات، وتعطل عمل الأجسام التشريعية وبالتحديد مجلس النواب.

تكلم حينها المبعوث عن إمكانية عقد مؤتمر أو ملتقى وطني جامع يجمع كل الليبيين دون تفريق أو إقصاء، يكون لهذا الجسم السلطة اللحظية لإصدار وتبني خارطة طريق تنهي المراحل الانتقالية وتخرج بالبلاد إلى طريق الاستقرار .

كل هذا لم يتم استيعابه من الكثيرين  في وقته، خاصة أعضاء البرلمان، وأعضاء المجلس الأعلى للدولة كونهما المسؤولين  أمام الليبيين عن الإيفاء بالاستحقاقات المهمة كإصدار قانون الاستفتاء على مشروع الدستور، واعتماد قانون الانتخابات، مع ضرورة التنويه إلى أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق البرلمان الذي لم يمارس أكثر من التعطيل والعرقلة،  محافظا بجدارة على حالة الانسداد التي أطالت المرحلة الانتقالية، ولست بصدد التفصيل عن أسباب هذا التعطيل؛ لأن الجميع يدركها، ولا ينكرها إلا هم فقط، أقصد نواب البرلمان.

مرت أكثر من السنة والبعثة لم تتوقف عن العمل، ونجحت فى عقد أكثر من 70 اجتماعا ضم أطياف الشعب الليبي بتنوعه فى العديد من المدن؛ لبحث الآراء، ومناقشة كافة الأفكار للتجهيز لعقد هذا المؤتمر، قابله استمرار الوضع على ما هو عليه بعد الفشل في تعديل الرئاسي.

استمرار هذا الوضع سار بالتوازي مع انقسام في جل المؤسسات السيادية؛ بسبب خلافات البرلمان مع المجلس الأعلى، وفى المقابل أصبح هناك تحسنا ملحوظا في أداء المجلس الرئاسي، ونجح إلى حد ما فى الحصول على الدعم والثقة من المجتمع الدولي الذي أصبح صبره ينفد تجاه البرلمان تحديدا، ظهر ذلك جليا فى تصريحات المبعوث الأممي التي وصف فيها البرلمان بـ”الجسم العقيم”، وأعضاءه بـ”الباحثين عن المنافع الشخصية على حساب مصلحة وطنهم”.

فى إحاطة سلامة الماضية أمام مجلس الأمن تم التركيز على إحياء فكرة الملتقى الوطني الجامع من جديد وإمكانية عقده في النصف الأول من عام 2019، بعد ان استنفد كل محاولاته مع البرلمان لمعالجة الأوضاع الراهنة فى ليبيا، إلا أنه لم يوضح التفاصيل لهذا الجسم ماعدا قوله بأنه ليس جسما بديلا، وإنما هو حدث يجمع الليبيين؛ ليتفقوا على خارطة طريق تنهي الانسداد الحاصل، وينتقل بليبيا إلى مرحلة الاستقرار، وبحسب المتعارف عليه في سلوك الأمم المتحدة في معالجة مثل هذه الأمور، فإنها ستعمل على ضرورة وجود تمثيل من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، بالإضافة إلى أطياف متنوعة من داخل المجتمع الليبي أبرزها حسب تقديري:

 ممثلين عن النظام السابق.

ممثلين عن قبائل ليبيا.

 عمداء البلديات.

 الأحزاب والمكونات السياسية.

 تمثيل خاص للمرأة.

 ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني.

المكونات الاجتماعية “الأمازيغ، التبو، الطوارق”.

من المتوقع أن تكون أجندة المؤتمر هى حوصلة الاجتماعات واللقاءات السابقة، وسيتم الاستفادة من الحاضرين في الحصول على موافقة أو مباركة لحزمة المخرجات التي ستكون بمثابة ميثاق صادر عن الليبيين تتلقفه البعثة الأممية لتتحصل له على دعم و تفويض دولي من قبل مجلس الأمن الذي بدوره يلزم الأطراف المعرقلة على تبني المخرجات والعمل عليها تحت مراقبة دولية حسب خطة زمنية محددة، وأتوقع  أن يكون من أبرز المخرجات عن هذا الملتقى الآتي:

  إصدار قانون الاستفتاء على الدستور وتحديد موعد الاستفتاء.

 اعتماد قانون للانتخابات وتحديد موعدها.

  المصالحة الشاملة وعودة المهجرين بالداخل والخارج.

كل هذا وأكثر سيجعل من هذا المؤتمر نقطة تحول فى مسار الأحداث بليبيا، وسيجمع الليبيين بعد أن فرقتهم الحرب والنزاعات وضيعتهم  تجاذبات الفجر والكرامة، وأرهقتهم التدخلات الخارجية، وقلة وعيهم بشؤونهم الداخلية، وفقدان الثقة في من يقودهم .

لكن وسط كل هذا التفاؤل يخرج لنا بعض المعرقلين للتشكيك فى هذا المؤتمر والطعن فيه قبل تكونه وانعقاده، وأبرز المعارضين هم من النواب الذين يرون في انعقاده نهاية لمناصبهم وتشتت أحلامهم .

لا شك أن الليبيين تعبوا من مماطلة من انتخبوهم كممثلين عنهم، و أنهكتهم ظروف الانقسام، وأصبحوا يائسين من صلاح حالهم وانتعاش بلادهم، وهذا تقاطع مع نفاد صبر المجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة وبعض الدول، وخاصة أن الأمور بدأت تتضح أكثر وأكثر بعد اجتماعي باريس وباليرمو، واتضح للعيان من هو الطرف المعرقل وأين تكمن نقاط التعطيل؟ وحجج المماطلة، وكل ما نأمله أن يجتمع الليبيون على كلمة سواء تاركين الاقتتال والانقسام، فليبيا تسع الجميع ولن تبنى إلا بالجميع ضمن نطاق التداول السلمي على السلطة واحترام الحقوق، وتحت مظلة دولة مدنية حديثة.

محمد غميم/ كاتب ليبي

افتتاح مكتب للسجل المدني بمستشفى ابن سينا في سرت

رئيس دائرة الإعلام بالعدالة والبناء عبد السلام اجويد: نرفض تدخل جماعة الإخوان بشؤون الحزب