in

مقابلة خاصة مع عضو المجلس الأعلى للدولة ورئيس الدائرة السياسية بحزب العدالة والبناء نزار كعوان

في مقابلة حصرية لشبكة الرائد مع عضو المجلس الأعلى للدولة ورئيس الدائرة السياسية بحزب العدالة والبناء نزار كعوان، تحدث على أبرز الأزمات التى تمر بها ليبيا وآليات الحلول وعدد من القضايا الأخرى.

إليكم الجزء الأول من نص المقابلة

بداية وأمام هذه الأزمات الحادة التى تعاني منها ليبيا والتى انعكست على المواطن الذي أصبح يعاني على كافة الأصعدة، هل من بارقة أمل لحل هذه الأزمات؟

سأقول، وبتفاؤل حذر، إن هناك بوارق أمل ربما بداية حل لأزمة ليبيا خاصة على المستويين الأمني والاقتصادي.

لاحظنا في الفترة الأخيرة أن هناك تطورا ووعيا للشعب بأنه لابد من إحلال مؤسسات الدولة بدلا من المليشيات، فالاشتباكات الأخيرة التى شهدتها طرابلس التي يسكنها أكثر من 2مليون نسمة لم تستطع فيها المليشيات تحشيد الدعم للقتال معها، وهذا مؤشر على أن الناس رافضة للمليشيات جملة وتفصيلا.

فقد بدأت المليشيات تستنزف ماليا ومعنويا وشرعيا، والمهم أن المجلس الرئاسي اتخد قرارا بالبدء في تنفيذ الترتيبات الأمنية وقام بتعيين السيد فتحي باشاغا وزيرا للداخلية، وهو شخصية قوية،  ورجل سياسي عاصر كل المراحل وعسكري، ولديه خبرة، وأرى أنه سيتخد قرارات جريئة.

لذلك أرى أن وزارة الداخلية يمكن أن تنجح في أداء مهامها إذا توفرت الرؤية والإرادة التي تتمكن من تحريك قوتها العمومية الضخمة؛ فإجمالي المنتسبين لهذه الوزارة بلغ 201 ألف موظف،  منهم 131 ألف شرطي، و35 ألف موظف  منقول من الجهاز الإداري للدولة، وهذا جيش جرار يحتاج لخطة محكمة لتفعيله.

باختصار أقول إنه بالنسبة للأمن، إذا توفرت الشروط الآتية سنشهد تحولا نوعيا في الملف الأمني:

1-      إرادة ورؤية من قيادات الداخلية وعلى رأسهم الوزير فتحي باشاغا

2-        توظيف جيد للقوة التي تقارب 150 ألفا.

3-        تراجع للمجموعات المسلحة وهذا تحقق نسبيا.

4-        الاستفادة من التجارب الدولية والدعم الدولي في بسط الأمن.

5-         توفر الميزانية اللازمة لتفعيل دور وزراة الداخلية.

تحدثت عن القادم في طرابلس على المستوى الأمني، لكن في المقابل هناك في الجنوب فوضى أمنية كبيرة، وانتهاكات للحدود الليبية من حركات تشادية وسودانية؟

هذا صحيح، فالجنوب مع الأسف الشديد غائب عن طاولة المجلس الرئاسي، وتحدثتُ مع البعثة بهذا الخصوص، وفي تقديري سبب المشكلة أمران، أولا هناك تقصير كبير جدا من أعضاء الجنوب في الرئاسي، وثانيا غياب المبادرة لحل مشاكل الجنوب، نحن في حزب العدالة نسعى لتقديم مبادرة في هذا الموضوع.

هل لديكم رؤية أو ملامح رؤية لحل الأزمة في الجنوب؟

بكل تأكيد، لدينا رؤية متكاملة لحل الأزمة في الجنوب تقوم على  أساسيات أربعة:

أولا: تفعيل ديوان لرئاسة الوزراء في الجنوب ودعمه.

ثانيا: تفعيل اتفاقياتنا مع دول الجوار، والبدء في إجراءات عاجلة لتأمين حدودنا؛ لأننا الآن نمر بظروف صعبة جدا.

ثالثا: مشروع الكهرباء في محطة أوباري التي اختُطف فيها مواطنون ومهندسون ألمان وأتراك نسبة الإنجاز حاليا فيه حوالي 98% حسب كلام بعض الخبراء في هذا المجال، وأنا أناشد المجلس الرئاسي بأن يفعل موضوع المحطة عن طريق شركة خاصة، وهذا سينعكس بالإيجاب على الجنوب خاصة، وعلى ليبيا بشكل عام.

رابعا: ضرورة تعيين آمر للمنطقة العسكرية الجنوبية، وطالبنا المجلس الرئاسي بهذا الأمر.

خامسا: البعد الدولي مهم في أزمة الجنوب، فمن المهم أن تتواصل الحكومة الرسمية مع الدول الغربية؛ للإسهام في حل مشكلة الجنوب.

تحدثنا الآن على الجانب الأمني، أما على الجانب الاقتصادي فما هي بوارق الأمل لحل هذه الأزمة؟

أما على صعيد الأزمة الاقتصادية فإن الإصلاحات الاقتصادية كان الدور الأبرز فيها لرئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ومجلس الدولة عموما، وكذلك المجلس الرئاسي والمصرف المركزي, وأظهرت مؤشرات جيدة بعد أقل من شهر عن إعلانها، وإن حجم تداول بيع العملة في السوق الموازية انخفض بما يزيد عن 90%.

فقد بلغت قيمة الاعتمادات التي فتحت من 4 أكتوبر الحالي إلى 17 أكتوبر، 670 مليون دولار، وأكثر من 84 مليون يورو، و3 ملايين و197 ألف دينار تونسي، وقيمة الرسوم المحصلة على بيع العملة الصعبة لأغراض الاعتمادات المستندية بلغت مليارا و800 ألف دينار، وإجمالي عدد المصارف التي تقدمت بطلبات فتح الاعتمادات ونفذت بلغ 14 مصرفا، من إجمالي 16 مصرفا عاملا في ليبيا.

وكذلك انعكست على سعر الدولار المتداول في السوق الموازية، إذ انخفض من 7.5 دنانير للدولار نقدا، إلى 5.25 دنانير، ومن 9 دنانير للدولار صكًّا إلى 5.75 دنانير، فكل هذه الأمور تعتبر مؤشرات إيجابية لحل الأزمة الاقتصادية.

الكل يدرك بأن الأزمات كافة التى تمر بها البلاد سببها الرئيس الأزمة السياسية، في تقديركم هل توجد خطوات جادة لحل الأزمة السياسة في ليبيا؟

سأكون واقعيا، لا أتكلم عن أحلام وردية, ولكن في المجلس الأعلى للدولة كنا جادين في إنهاء الانقسام السياسي وحلحلة الأزمة، ورئيس المجلس خالد المشري قام بدور متميز، وباقي الأعضاء قاموا بمبادرات وتواصلوا مع رئيس مجلس النواب ومع النواب، وقدموا أفكارا وبدائل للأجسام الموجودة، وحتى في لقائنا في المغرب، كانت هناك مطالبة بإنجاز موضوع الدستور، ومددنا أيدينا، وحاولنا التقارب؛ لتحقيق المستهدفات الوطنية، لكن مجلس النواب مع الأسف الشديد كانت استجابته منعدمة.

لو انتقلنا إلى الشرخ الاجتماعي الحاصل نتيجة الصراع بين المدن والقبائل الليبية، أنت عضو في المجلس الأعلى للدولة، ومن المهام الرئيسة للمجلس الأعلى الدولة موضوع المصالحة، فما هي الخطوات التي اتخذها المجلس في هذا الصدد؟

مجلس الدولة لا يمكن أن يقوم بمفرده بتحريك ملف المصالحة؛ فالانقسام وعدم تضمين الاتفاق من قبل مجلس النواب عطل الاتفاق وبنوده، وأثر سلبيا في ملف المصالحة، الاتفاق السياسي جناحاه مجلس النواب والدولة، ورأسه المجلس الرئاسي، ولا يستطيع مجلس الدولة أن يحلق وحده بجناح وحيد.

تداول بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك تواصلا بينكم وبين قائد عملية الكرامة خليفة حفتر، إضافة إلى بعض رموز النظام السابق، وأن هناك من يقود حوارا في هذا الوقت، هلا حدثتنا عن هذا الأمر؟

بالنسبة للحوار مع حفتر ومع إخواننا من النظام السابق، دعني أقول وبكل وضوح، لست من هواة خطاب “زيد تحدى زيد”، ولست من عشاق معزوفات وألحان ما يطلبه المستمعون، أدعو للحوار مع حفتر ومع النظام السابق، ونتفق مع الجميع على محاربة الاٍرهاب ووحدة ليبيا، وليعلم الجميع أن أي مراهنة على العودة للحكم العسكري والشمولي هي مراهنة على أوهام عفا عليها الزمن، وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، والقوى الاقليمية التي تراهن على دكتاتور جديد في ليبيا لا تفهم قوانين التاريخ وسنن الاجتماع، ويجب أن نتحلى بالشجاعة ونجلس جميعا لطاولة الحوار؛ من أجل إيجاد حل لهذا الوطن الممزق، هناك تجارب كثيرة من التاريخ تؤكد صواب هذا الكلام، لكني سأتحدث هنا عن تجربتين:

الأولى: في البوسنة جلس الرئيس المفكر علي عزت بيجوفيتش مع أعدائه وأعداء شعبه الذين قتلوا أكثر من 100 ألف مسلم بوسني، وهجروا أكثر من 2 مليون بوسني، واغتصبوا آلاف النساء البوسنيات، وكانت أبشع إبادة جماعية شهدتها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، لكن بيجوفيتش جلس معهم، وأمضى اتفاقية دايتون التي أوقفت نزيف الدم.

الثانية: نيلسون مانديلا الزعيم الإفريقي الملهم، حاور زعماء أبشع نظام عنصري في التاريخ، ليس هذا فحسب، بل وقبِل بزعيم الأقلية البيضاء ليكون نائبا له بعد الانتخابات، وقال كلمته المشهورة: “الشعب الشجاع لا يخشى المسامحة من أجل السلام”، وأزعم بأن الموحدات الوطنية الكبرى التي تجمع الليبيين أكبر من المتناقضات الفرعية الصغرى.

يجب أن نعمل على نقل الصراع من الإطار العسكري إلى الإطار السياسي، ومن ساحات الحرب إلى طاولة الحوار، وهذا الحوار لا يعني تغييب العدالة وتجاوز القضاء والقفز فوق الحقائق، إن استمرار الصراع المسلح سيؤدي إلى المزيد من النزيف الدموي والاقتصادي والاجتماعي والنزوح الديموغرافي، الأمر الذي يُنذر بانهيار الدولة، وسيمهد المناخ للعنف والإرهاب واختراق الأمن الوطني، وهنا أدعو المجلس الرئاسي إلى رعاية حوار وطني يشمل كل القوى الوطنية، وربما يكون هذا الحوار؛ تمهيدا لإنجاح المؤتمر الجامع الذي سيرعاه المبعوث الأممي، وهذه الخطوة ستحقن الدماء وتحقق الاستقرار وتحرك عجلة الاقتصاد والطاقات والجهود وتحد من استنزافها، ويدفع بها في اتجاه المصالحة والاستقرار، والتنمية على شتى الأصعدة والمستويات.

يتبع…

عمران تطالب المجتمع الدولي بدعم بدائل لإتمام المسار التأسيسي

فرار 16 سجينًا من مؤسسة الإصلاح والتأهيل بالجفرة