in

البابا: تأخر قانون الاستفتاء يحرم الشعب من ممارسة حقه

في الوقت الذي ينتظر الشعب الليبي بأكمله أن يصدر مجلس النواب قانونا للاستفتاء على الدستور، يستمر بعض النواب في انتقاد مشروع الدستور المقدم من الهيئة التأسيسية، بل إن بعضهم يسعى إلى تعديل الإعلان الدستوري ذاته، وهو ما ترتب عليه تعليق الجلسات مرات متتالية.

حول مماطلة مجلس النواب في إقرار قانون الاستفتاء على الدستور وانتقاداتهم له، حاورنا عضو الهيئة التأسيسية لصياغة لمشروع الدستور إبراهيم البابا، الذي أجابنا عن عديد الأسئلة المتعلقة بهذا الأمر، بالإضافة إلى أسئلة أخرى.

وهذا هو نص المقابلة:

1 -مجلس النواب مستمر في التعنت والمماطلة وعرقلة إقرار قانون للاستفتاء، بصفتك عضوا بالهيئة ومُسهمًا في هذا المشروع، هل ترى بدائل مرتقبة في حال استمرار هذا التعنت؟

إذا عجز مجلس النواب عن إصدار قانون الاستفتاء فإن البدائل هي أن يصدر المجلس الرئاسي لائحة الاستفتاء، أو تتولى المهمة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وفق التعديل السابع للإعلان الدستوري، فكل ما يحتاجه الاستفتاء منصوص عليه في الإعلان الدستوري، مثل: الأغلبية المطلوبة من الشعب، واعتبار ليبيا دائرة واحدة، وبالتأكيد لدى الهيئة بدائل ستطرح في وقتها.

2- هناك رفض شديد من بعض الساسة لمشروع الدستور المقدم من الهيئة، فلماذا هذا الرفض بحسب رأيك؟

بعض “النخب” الليبية تعارض مشروع الدستور لأسباب متعددة،  منها على سبيل المثال: اعتقاد بعض من في السلطة الآن أن اعتماد دستور دائم هو إنهاء لسلطتهم، والفاسدون منهم يخافون من بعض النصوص الواردة في مشروع الدستور كحرمة المال العام، وأن جريمة سرقته لا تسقط بالتقادم، ولا يجوز العفو عنها كما في المادة (20).

القسم الثاني، وهم مزدوجو الجنسية ممن لديهم طموحات بتقلد مناصب سيادية، أو رئاسة البلاد، فالمشروع يشترط فيمن يتولى الرئاسة ألّا يحمل جنسية أخرى ما لم يتنازل عنها قبل سنة من فتح باب الترشح (المادة 99)، وأيضًا لا يجوز للمتجنّس أو مزدوج الجنسية تقلد أي منصب سيادي (المادة 192)، وسبب وجود هذا النص ليس لإقصاء أحد بل له علاقة بالأمن القومي الليبي، فكيف لكندي أو إنجليزي أو أمريكي، أقسم يمين الولاء لهذه الدول عند حصوله على جنسيتها، أن يتقلد منصبا سياديا في ليبيا، وخصوصا رئاسة الجمهورية.

وهناك تجارب مماثلة في هذه المسألة، ففي دستور 1951 غير المعدل في نص المادة (10) منه: لا يجوز الجمع بين الجنسية الليبية وأية جنسية أخرى، بمعنى أنه لا يجوز لليبي أن يحمل جنسية أخرى، بخلاف مشروع الدستور الذي أقرّ ازدواج الجنسية ولكن شرط أن لا يتقلد مزدوج الجنسية منصبا سياديا إلا بعد التنازل عن الجنسية الأخرى.

تجربة أخرى في مصر، فقد نص دستورها الأخير في 2014 في شروط الرئيس، على ألّا يكون قد حمل، أو أي من والديه أو زوجه، جنسية دولة أخرى، ولم يعط الدستور حتى فرصة للتنازل عنها، بالإضافة إلى شروط أخرى في المادة (141) التي تقول “يشترط فيمن يترشح رئيسًا للجمهورية أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وألّا يكون قد حمل، أو أي من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى، وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفي منها قانونا، وألّا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية، ويحدد القانون شروط الترشح الأخرى”.

لذلك يجتمع هؤلاء المعارضون للدستور على تأييد الدخول في مرحلة انتقالية جديدة؛ لضمان استمرارهم في السلطة، ووجود إطار لا يكون فيه مثل هذه الشروط، ومن ثَمّ استمرار الفوضى والفساد.

3- المادة 8 في قانون الاستفتاء … كيف ترى وجودها؟ وماذا عن المادة 6 أيضا؟

المادة (8) ليس محلها قانون الاستفتاء؛ لأنها تحتاج إلى تعديل دستوري، أما المادة (6) فقد وردت فيه نقطتان ستكونان محل طعن أمام القضاء، الأولى فيما يخص تقسيم ليبيا إلى 3 دوائر، وهذا التفصيل غير وارد في التعديل السابع من الإعلان الدستوري، حيث نص في النقطة 12 من المادة الأولى على أنه “إذا وافق الشعب الليبي على المشروع بأغلبية ثلثي المقترعين تصادق الهيئة على …”، فلم يكن هناك ذكر للدوائر الثلاث، أما الثانية فهي احتساب نسبة الاستفتاء من المسجَّلين وليس المقترعين، وهذا أيضًا مخالف للتعديل السابع للإعلان الدستوري.

4-هناك من ينادي بالرجوع إلى دستور 1951، ما رأيك في هذا الطرح؟

دستور 1951 غير المعدل أو حتى بعد تعديله في سنة 1963، يحوي العديد من الإشكاليات التي تجعله غير صالح لأن يكون دستورا لليبيا الآن، أما تعديله، كما ينادي به بعضهم، فلا يمكن من الناحية العملية لأسباب أهمها: تبني النظام الملكي، وهو ملكية مطلقة، وهذا مع كونه متناقضا مع مبادئ الديموقراطية التي تبنى على الفصل بين السلطات والتوازن والرقابة بينها، فإنه لا يمكن معالجته باستبدال كلمة الملك بالرئيس كما يقترح بعض المؤيدين لذلك.

المسألة الأخرى، السلطة القضائية في دستور المملكة سلطة ضعيفة بل إن السلطة التشريعية هي من تضع هياكلها واختصاصها، بالإضافة إلى ذلك فكثير من الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور تكون مقيدة بنصوص مثل “على النحو الوارد في القانون”، فيمكن تقييد الحق أو الحرية بالقانون الذي سيصدر من السلطة التشريعية.

أخيرًا هناك العديد من الحقوق والحريات التي لم يُنص عليها في هذا الدستور؛ بسبب ظروف الزمن الذي وضع فيه.

5-يذكر عدد من أعضاء الهيئة في كثير من تصريحاتهم، أن مشروع الدستور المقدم يراعي الرقابة على السلطات، هل من توضيح أكثر؟

يعدّ مبدأ الفصل بين السلطات مبدأً رئيسًا في النظم السياسية الحديثة، وذلك لتحقيق مبادئ الديموقراطية، ومنع الانفراد بالسلطة، في الوقت ذاته يجب أيضًا تحديد عمق العلاقة بين السلطات الثلاث (التنفيذية – التشريعية – القضائية) بصورة متوازنة، وفق مبدأ التوازن والرقابة بينها.

لقد نص مشروع الدستور المعتمد من الهيئة التأسيسية في المادة (8) الخاصة بالنظام السياسي للدولة الليبية، على قيام النظام السياسي على مبادئ التعددية السياسية، والتداول السلمي على السلطة، والفصل بين السلطات، والتوازن والرقابة بينها على أساس الحكم الرشيد القائم على الشفافية والمراقبة والمساءلة، فذكر صراحة قيام النظام السياسي على هذا المبدأ، بالإضافة إلى مبادئ أخرى.

6-أثارت استقالة رئيس الهيئة نوح عبد السيد استغراب عديد من المتابعين، حسب المعلومات الواردة إليك، لماذا استقال نوح من الهيئة ورئاستها؟

بكل تأكيد إن تقديم السيد رئيس الهيئة لاستقالته في هذا الوقت يوضح مدى الضغط الكبير الذي يتعرض له أعضاء الهيئة، خصوصًا بعد اعتماد مشروع الدستور، وخير شاهد على ذلك ما تعرض له أعضاء الهيئة يوم التصويت من ضرب وإهانات وحصار لأكثر من خمس ساعات في مقر الهيئة بمدينة البيضاء، وكذلك التحريض الإعلامي الكبير الذي تبنته بعض القنوات على مشروع الدستور وأعضاء الهيئة المصوتين وشيطنتهم وتصنيفهم، والهدف من ذلك كله هو عرقلة المسار الدستوري للدولة الليبية الذي سيتج عنه سلطات ومؤسسات وفق دستور دائم ينهي المراحل المؤقتة التي جلبت الفوضى والفساد.

شبكة الرائد الإعلامية.

مسلسل فشل النواب مستمر، والدور الآن على الدستور

مؤسسة الطاهر الزاوي توقع اتفاقية مع اليونيسيف لتأهيل مدارس بالجنوب