in

انتخاب البلديات وفرص التغيير

أصبح الحديث عن الانتخابات البلدية متزايداً خاصة بعد أن انتخبت بلدية الزاوية مجلساً بلدياً جديداً وبعد أن أعلن وزير الحكم المحلي أنهم بصدد الإعداد لانتخاب 12 بلدية، وأعتقد أن تجربة البلديات تحتاج لوقفة وتقييم بعد تجربتها الأولى.

هناك كثير من الملاحظات التي لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها فيما يتعلق بالحكم المحلي، وتجربة البلديات المنتخبة، ومن أبرز هذه الملاحظات هو قانون الحكم المحلي القائم على لامركزية السلطة وإعطاء صلاحيات أوسع للسلطة المحلية المتمثلة في المجالس البلدية والمحافظات، وهو الأمر الذي لم يتمّ بشكل كامل حيث تمّ تفويض صلاحيات المحافظات التي نص عليها قانون الحكم المحلي للمجالس البلدية بقرار من المؤتمر الوطني العام آنذاك، وهنا سؤال يطرح نفسه: هل وجود المحافظات أمر ضروري وممكن اليوم، خاصة في ظل الانقسامات والصراعات الجهوية القائمة؟

أيضاً من الأمور المشكلة في انتخاب البلديات اليوم هو طريقة الانتخاب نفسها القائمة على نظام الصوت الواحد، ألا يكرّس هذا النظام عقلية استدعاء القبيلة في المشهد الانتخابي لتدعم أبناءها بغضّ النظر عن الكفاءة وجودة البرامج الانتخابية؟ ثم إنّ النظام الفردي يؤدي بطبيعة الحال إلى تشكيل مجالس بلدية غير متجانسة ولا متوافقة في الرؤى والمشاريع والأهداف، وهو ما يجعل من أداء المجالس البلدية مرتبكاً وبعيداً عن الانسجام؛ لذلك فإن نظام القائمة الانتخابية هو الأفضل، وهو ما ينبغي اعتماده في انتخاب المجالس البلدية.

كذلك فإن البلديات وإن تمّ انتخابها وقدّم مرشحوها برامج جيدة وذات مصداقية فإن هذه البرامج ستبقى وعوداً وأحلاماً انتخابية بعيدة التحقق لأنّ الميزانيات التي تخصص للبلديات لا زالت ميزانيات تسييرية وتشغيلية فقط بسبب انقسامات المؤسسات والأزمة الاقتصادية، ومادام الأمر كذلك فإن التوجه للانتخابات البلدية لا يعدو كونه إعادة إنتاج لمجالس بلدية عاجزة بشخوص جديدة وبفرص تغيير ضئيلة جداً.

كان الأولى بوزارة الحكم المحلي أن تُعِدّ بالتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات والمختصين تصوّراً جديداً لآلية الحكم المحلي يتم من خلالها تجاوز الكثير من الإشكاليات والقصور، وتقدمه في مقترح متكامل للسلطة التشريعية ليتم من خلاله تعديل قانون الحكم المحلي، بدلاً من تضييع وهدر نفقات ضخمة على عمليات انتخابية لن تحقق الشيء الكثير، بل ستنتج مجالس بلدية تسييرية فقط وفقاً للميزانيات المخصصة لها، لذا أعتقد أن بقاء المجالس البلدية الحالية بصفتها مجالس تسييرية وبصلاحيات محدودة أجدى وأفضل من عناء انتخابات لن تكون مثمرة على الأغلب.

إن من الواجب علينا أن ندرك أن العملية الانتخابية ليست مقصداً بحد ذاتها، بل هي وسيلة لاختيار الأكفأ والأقدر، وهي فرصة تغيير للأفضل، كما أن انتخاب البلديات يجب أن يمثل في العملية السياسية الأساس الأبرز في بناء القواعد والحواضن الشعبية للأحزاب والتكتلات السياسية، ولذلك فهي دائماً المقياس الأول لحضور التيارات السياسية في الشارع، ومتى فقدت الانتخابات البلدية هذا البُعد انعكس هذا الأمر على غيرها من الانتخابات وجعلت الناخب يشعر بانعدام الجدوى من العملية الانتخابية بمختلف مستوياتها.

إن الواقع السياسي القائم اليوم، وحالة الارتباك في مفهوم الحكم المحلي وقانونه، وانعدام الإمكانيات المطلوبة لتحقيق ثمرته المتمثلة في التخلص من مركزية السلطة، يجعل من العبث إجراء انتخابات بلدية في هكذا ظروف، ونحن في حالة شبه يقين من عدم إمكانية إحداث تغيير للأفضل من خلالها، وأعتقد أن مقاطعة مثل هذه الانتخابات هو أفضل وسيلة للدلالة على وعي الناخب وإدراكه.

المصدر: موقع ليبيا الخبر

وزارة التعليم تعلن مواقع إجراء امتحانات الشهادة الثانوية لطلبة بلديات طرابلس

أهالي درنة يحملون الأمم المتحدة والسلطات المحلية مسؤولية الحرب على المدينة