in

أولها دعوة ..و آخرها ..ملك و سلطان و غنيمة

( سنة التغيير و شيعة المصالح )

إنتخاب رئاسة المجلس الأعلى للدولة و فوز مرشح حزب العدالة و البناء الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين و هذا الفوز جاء على حساب ” الغريم الحليف ” ( سابقاً ) الدكتور عبدالرحمن السويحلي و ظهور العملية الإنتخابية على نحو شفاف بنقلها على الهواء مباشرة و بشكل هادئ خلا تماماً من مظاهر الفوضى و المشاغبة و تقبل السويحلي للنتيجة رغم ” مرارتها ” و تسليمه للمنصب رغم شكليته و عدم فعاليته ” تشريعياً ” حسب وجهة نظري الا أنه يبقى مرتكزاً من مرتكزات العملية السياسية بقواعدها الحالية التي أطرتها الأمم المتحدة و من ثم فإن رئاسة حزب العدالة و البناء لأحدى روافد العملية السياسية أمر لم يتم على سبيل الصدفة أو مجرد النكاية في السويحلي بل هو مقدمة لتطور المشهد السياسي.

التصريحات الجريئة لرئيس حزب العدالة و البناء التي أدلى بها بالمناسبة على قناة 218 المملوكة و الممولة من قبل تيار و توجه مضاد تماماً لتيار الإسلام السياسي بالعموم و الإخوان المسلمين تخصيصاً .. تلك التصريحات التي أطلقت العنان لمبدأ الحوار مع الآخر دون وضع أي شروط عن كنه الآخر بل و الإقرار بقبوله للآخر مهما كان كشريك في عملية سياسية تدار فيها الدولة و تقتسم فيها السلطة بملائمة ما ستظهر ملامحها قريباً خصوصاً أن إعلان الإصدار الجديد لخطاب الحزب جاء عبر منبر إعلامي من ضمن منابر الخصوم الإعلامية و في هذا إشارة هامة .

المتأثر الأبرز لما حصل اليوم للسويحلي هو رديفه و نظيره في الضفة المقابلة الا و هو المستشار عقيلة الذي سيتحسس حرارة المنصب و غليانه على نحو سيؤدي الى إنهاء حالة استفراده و استمراره برئاسة السلطة التشريعية و إفراغها من محتواها المفترض حتى شكلياً في شخصه .. و التغيير هناك سيكون في ذات السياق و المخطط لإطلاق حالة سياسية جديدة تماماً سيرضخ فيها كل طرف للآخر وفق قواعد الملائمة و الواقعية بعيداً كل البعد عن الشعارات و المزايدات .

السيناريو الذي أتوقعه سيكون مغايراً للسيناريو المصري الذي انتهى فيه الإخوان من الوجود السياسي على صعيد السلطة و صاروا ملعونين قانونياً و سياسياً و محلاً للحظر و السجن و الإعدام بسبب تصلب مواقفهم و تعنتهم و مراهنتهم على التنظير المؤسس على وهم الحق و الفضيلة مقابل الحقيقة و الواقعية .. و مغايراً كذلك للسيناريو التونسي الذي آثر فيه إخوان النهضة التراجع خطوة للوراء و الخروج من الدائرة الرسمية للسلطة مقابل ضمان وجودهم المادي و السياسي الهافت ان صح التعبير المتربص بأي نسيم محتمل و مفترض للتغيير و الى ذلك الحين هم مجرد ساسة ” سابقاً ” نجحوا في النفاذ بأعناقهم و حرياتهم من الشنق و السجن و هذا الخيار صار نموذجاً يشار إليه بالبنان و الإعجاب لدى عديد النخب و الساسة .

الا أن السيناريو الليبي سيكون مختلفاً في رأيي ..انتشار السلاح و التشكيلات الغير منظمة و اختلاط الأيديولوجيا بالمعارضة ” السابقة ” مع انعدام العمل السياسي المنظم بالذات على الصعيد الحزبي و تقاطع المصالح و تناقض و تعارض القوى المسلحة على الأرض لتلك التوجهات السياسية و جمود المشهد و سقوط العديد من الأصنام و الأساطير ، كل ذلك أكسب حزب العدالة و البناء هامشاً واسعاً من المناورة يتبرأ فيه من أفاعيل المتطرفين و يستغرب رئيسه من استغراب من استغرب تصريحاته التي أطلق فيها جرعة مركزة من الإنفتاح و الإيجابية و الإستعداد لقبول الآخر بل مشاركته و العمل معه و تأييده في مسعاه مع التحفظ عن المآرب التي لا زالت بحاجة الى تسويات حتى لا تتعارض و تتداخل و يصادف ذلك ” عن سبق نية ” تحضيرات تولي رئاسة المجلس الأعلى للدولة و كأن تلك التصريحات كانت إعلاناً عن برنامج العمل السياسي و رؤية الحزب الجديدة عند توليه قيادة مجلس الدولة بل و إعلان قدرته و استمرار نفوذه داخل أروقة المجلس و حسن إدارته لإستحقاق الإنتخابات أو بالأحرى القدرة على ” الكولسة ” على نحو فعال و بالتالي قدرته حتى على خوض معترك الإنتخابات الشعبية ان لزم الأمر .

قريباً سنرى بوادر تقارب بين الفرقاء و ستظهر نتائج تفاهمات تتسم بالواقعية بعيداً عن الشطحات و المزايدات في سبيل هدفين أولهما للساسة و ثانيهما للشعب و لعل الهدف الثاني هو مرادنا و أملنا الا و هو الإستقرار و الأمن و الهدوء و استعادة الدولة لعافيتها بما يعود على المواطن بالنفع .. أما الهدف الأول فليس لنا فيه شأن و لا رأي ..الا و هو الأنصبة السياسية لإقتسام السلطة و المناصب بين قادة السلاح و المال و السياسة .

أولها دعوة .. و آخرها ..ملك و سلطان و غنيمة

بقلم: أنس أبوشعالة

السلاك: نرحب بانتخابات الأعلى للدولة، ويتوقع إعلان الميزانية الأسبوع القادم

المشري يبحث مع سلامة حالة الانسداد السياسي