in

فورار (1)

فبراير محاولة من عشرات المحاولات لتصحيح خطأ التاريخ السياسي المعاصر الذي عطّل التطور الدستوري في البلد، والعودة للمسار الدستوري من جديد، وليست اغتصاب سلطة من أصحابها الشرعيين، بل تقويض الشمولية وفردانية البشر، وردّ زمام المبادرة إلى الشارع الليبي صاحب الحق المطلق في اختيار نظام حكمه بحرية، واختيار من يحكم بحرية، ومحاسبته سياسيا وقانونيا بالتساوي أمام الصندوق وتحت عتبة منصة القضاء.

فورار ليست ملكا لأحد ولا ميراثا لأحد، بل منعطف اجتماع سياسي جديد على مسار تطور الهيئة الاجتماعية الليبية، وفرصة تاريخية كتلك التي واتت الليبيين عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية، واختلاف دول الحلفاء المنتصرة حول كيفية تقاسم تركة المستعمرات الإيطالية في ليبيا وأثيوبيا، وفشل مشروع بيفن- سفورزا، فسنحت فرصة الاستقلال على هذا الأساس، بعيدا عن تهريج قصة سكر مندوب هاييتي المضحكة، ثم أشرفت الأمم المتحدة على صياغة دستور الدولة الليبية الحديثة، وكان عراب الدستور المبعوث الخاص الهولندي المخضرم ادرين بلت.

واليوم ها هي فورار تصنع نفس الفرصة لتصحيح خطأ عسكر الدولة والعودة إلى مسار التطور الدستوري مجددا، تحت إشراف المجتمع الدولي، بعد فشل كل المحاولات أمام صلف النظام وعنجهيته وانسداد الأفق السياسي تماما، حتى وصل عام 2008 إلى حالة تسييل الدولة تماما.

هناك الكثير من الكلام غير المسؤول ولا الناضج سياسيا، وكمّ ضخم من التوهم في طيات دعوات رفض مساعدة المجتمع الدولي لليبيين لحل المشكل السياسي والخلاص من حكم الفرد والذهاب طواعية إلى صندوق الاقتراع، وتحمّل نتائج الاختيار مهما خابت وانحرفت عن التوفيق، إلا أن ذلك ليس سببا مشروعا لسلب الشارع حقه في الإمساك بزمام المبادرة، والعودة المرة تلو المرة إلى نفس الصندوق كبديل شرعي عن نظرية حكم العسكر عند بعض النخب الفاشلة التى تعاني عنوسة سياسية محبطة، ونظرية الحاكم المتغلب صاحب السوط ليلهب ظهور المواطنين كطريق وحيد أمامهم ووقاية لهم من دخول النار، أو ثيوقراطية ولاية الفقيه وديار الفتوى الدينية كما يتوهم بعض الإسلاميين المتعصبين.

فورار محاولة عفوية لإلغاء كل هذا التراث المتخلف ورميه خلف ظهورنا، وإفساح المجال للشارع السياسي أن ينشأ النشأة الطبيعية، ولتترك له الزمام ليتطور بعد ذلك بعفوية، ووفق قوانين التطور الاجتماعية السائدة في كل المجتمعات التي مرت من قبل بنفس التجربة.

فدعوها لتتطوَّرَ وتطوِّر الحياة السياسية بعقلانية اجتماعية وواقعية سياسية، ولتفرز رجالاتها، وتميز الخبيث من الطيب، وثقوا تماما أن الزبد سيذهب جفاء، وأن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض.

وختاما كل عام وأنتم بخير

___

المصدر/ موقع ليبيا الخبر.

“الروبوتات” تقتل الوظائف

مفوضية الانتخابات تمدد التسجيل في منظومة الناخبين