in

الانتهاكات الحقوقية في ليبيا عام2017، تعددت أشكالها والمضمون واحد

لم يكن عام 2017 مختلفًا عن غيره من الأعوام الثلاثة الماضية، إذ شهد تطورات وأزمات متعددة على جميع الأصعدة، السياسية والاقتصادية، كان الوضع الحقوقي في البلاد ضحيتها الكبرى، وشهد تدنيًا ملحوظًا بحسب تقارير صادرة عن منظمات دولية.

تصعيد عسكري مستمر

استمرت العمليات العسكرية في مدينة بنغازي بين قوات الكرامة من جهة ومجلس شورى ثوار بنغازي من جهة أخرى، مع إعلان قائد عملية الكرامة سيطرة قواته على المدينة، في حين تجددت الاشتباكات في ضواحي مدينة درنة بين مجلس شورى مجاهدي المدينة وضواحيها وقوات الكرامة، مع تعرض المدينة لقصف جوي عنيف في ظل محاصرة قوات الكرامة للمدينة لأكثر من عام، وإعلان مجلسها المحلي أنها صارت مدينة منكوبة.

وشهدت منطقة أبوسليم بطرابلس في منتصف العام اشتباكاتٍ مسلحة بين قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني من جهة، وجماعات مسلحة من جهة أخرى، أدت إلى محاصرة عدد من العائلات داخل منطقة الاشتباكات، مع سقوط عدة قذائف على منازل المواطنين مخلفة أضرارًا مادية وبشرية “كبيرة”.

وأعلنت غرفة عمليات محاربة تنظيم الدولة التابعة لحكومة الوفاق الوطني، في سبتمبر، سيطرتها على مدينة صبراتة بعد اشتباكات وصفت بـ “العنيفة” مع مجموعة مسلحة من المدينة استمرت لأيام، وأدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى ونزوح العشرات من المدينة.

وسيطرت قوات المنطقة الغربية التابعة للمجلس الرئاسي على مدينة ورشفانة بعد اشتباكات مع مجموعة مسلحة تابعة لقوات الكرامة، أعقبها افتتاح الطريق الساحلي بعد إغلاقه لأكثر من مرة.

جرائم حرب وإعدامات خارج القانون

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، في أغسطس، أمراً بالقبض على آمر محاور الصاعقة محمود الورفلي، بتهمة ارتكابه جرائم حرب، بعد ظهوره في مقاطع مصورة وهو يقوم بتنفيذ إعدامات ميدانية.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش اللواء 13 وسرايا الدفاع عن بنغازي بارتكاب جرائم حرب وإعدام ما لا يقل عن 30 أسيرًا إعدامًا ميدانيًّا بعد هجومهم على قاعدة براك الشاطئ الجوية في الجنوب.

وفي أكتوبر، عثر على 36 جثة قرب الأبيار شرق بنغازي، تلا ذلك العثور على 6 جثث ملقاة بشارع الزيت في مدينة بنغازي، وكانت الجثث جميعها مكبلة وعليها آثار تعذيب، وفي نوفمبر عثر على 27 جثة في منطقة الكسارات جنوب ورشفانة، في حين لا تزال التحقيقات في هذه الجرائم جارية دون نتائج تذكر.

اغتيالات واعتقالات واختطاف

شهد عام 2017 اغتيال عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والأمنية.

ففي 19 من مايو، وفي سلوق قرب بنغازي، اغتيل أحد مشايخ وأعيان قبيلة العواقير بريك اللواطي بتفجير سيارة مفخخة أمام مسجد كان يرتاده، وقتل معه اثنان آخران، في حين نجا وكيل وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فرج قعيم، وهو من قبيلة العواقير، من عمليات اغتيال أكثر من مرة؛ لينتهي الأمر به سجينًا في سجون قوات الكرامة بعد اشتباكات بين قواته وقواتها في مدينة بنغازي.

وفي غريان، اغتيل مدير مديرية الأمن فيها عبد الرزاق عميش، في9 يوليو، أمام منزله بالرصاص، وفي 11 منه، اغتيل المنسق العام لمصلحة الأحوال المدنية عن المنطقة الشرقية في بنغازي.

وقد وصل الأمر ذروته باغتيال عضوي وفد المصالحة المكلف بحل الخلاف بين المشاشية والزنتان، عبد الله نطاط وخميس سباقة ومرافقيهما، ثم في 17 من ديسمبر، فوجئ سكان مصراتة باغتيال عميدها محمد اشتيوي بعد عودته من رحلة عمل في تركيا.

وفي ظل غياب مؤسسات الدولة، ارتفعت حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب في السجون دون توجيه تهم في أغلب الأحيان للشخصيات المعتقلة، وذلك في أغلب مناطق البلاد.

ففي طرابلس، اعتقلت قوة الردع الخاصة المدير العام للخطوط الإفريقية هشام السعودي في طرابلس، وأفرجت كذلك عن خطيب مسجد بن نابي عبد الرزاق امشيرب بعد اعتقاله مدة من الزمن، وفي الشرق، اعتقلت قوات الكرامة أحد مشايخ قبيلة العواقير نوري بو فنارة من منطقة سلوق القريبة من بنغازي.

 ولم تقتصر حالات الاختطاف على السياسيين وأصحاب القرار، بل طالت المشايخ ورجال المصالحة والقضاة وأساتذة الجامعات فضلاً عن حالات الاختطاف للأطفال ومطالبة ذويهم بالفدية، منهم من أخلي سبيله بعد دفع فدية نقدية أو وساطة محلية، ولا يزال مصير بعضهم مجهولاً حتى اللحظة.

ففي يناير، اختُطف عضو مجلس النواب عن مدينة طبرق جبريل الزوي من مقر إقامته بطبرق، وفي أبريل اختطف عميد كلية الصيدلة في جامعة سبها مصطفى الصغير، تلاه في الشهر نفسه اختطاف الأستاذ بقسم الهندسة البحرية بجامعة طرابلس سالم بيت المال، وفي مايو اختطف وكيل جامعة طرابلس للشؤون الإدارية سعيد معيوف، وعلقت الدراسة في الجامعة احتجاجًا على اختطافه، وفي سبتمبر اختطف عضوان من وفد أعيان ومشايخ عن المنطقة الجنوبية من مقر إقامتهما بفندق في طرابلس، وفي نوفمبر اختطف أربعة عمال أجانب من جنسيات مختلفة من موقع مشروع محطة كهرباء أوباري، لينتهي عام 2017 بالإفراج عن وكيل وزارة الأوقاف السابق طارق الداقل بعد اختطاف جماعة مسلحة له في طرابلس.

نازحون في بلادهم

قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن هناك أكثر من 192 ألف نازح، في مناطق عدة، لم يعودوا بعد إلى منازلهم، في المقابل، عاد نحو من 300 ألف نازح إلى مناطقهم، ففي مايو عاد أهالي المشاشية إلى مناطق العوينية وعومر وزاوية الباقول بالجبل الغربي بعد تهجير قسري استمر ست سنوات.

أما أهالي تاورغاء، فما زال 40 ألف نازح منهم يعيشون ظروفاً صعبة في مخيمات اللجوء منذ ست سنوات، في ظل وعودٍ بعودتهم في مطلع فبراير المقبل وفق ما أعلنه رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج.

قمع الصحافة وتكميم الأفواه

تُعد حرية الصحافة ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية الحقيقية في بلدان العالم التي تتمتع بالحقوق المدنية واحترام حقوق الانسان، لكن الصحافة الليبية ما تزال تعاني القمع وتكميم الأفواه، وأصبحت سلامة الصحفيين مرهونة بتجنب هذا الاتجاه والتغاضي عن ذلك الموضوع مجاملة أو خضوعًا لجهة معينة على حساب حرية الرأي والحياد والموضوعية.

سجلت في عام 2017، حالات اعتقال لصحفيين، وهجوم على مقرات لعدة قنوات فضائية وإذاعات، ففي سبتمبر قبضت قوات الكرامة على مواطن بسبب منشور على فيسبوك ينتقد فيه الوضع في بنغازي، وفي أكتوبر احتجزت قوات الكرامة 4 صحفيين وثلاثة من مرافقيهم في مدينة هون بالجفرة، في حين اعتقلت قوة الردع الخاصة، في نوفمبر، منظمي مهرجان “كوميك كون”، في طرابلس، بدعوى خدش الحياء، أما عن حالات الهجوم على مقرات الفضائيات والإذاعات، فقد توقف بث قناة النبأ الفضائية، في مارس، بعد اقتحام مجموعة مسلحة لمقرها بطرابلس، وإضرام النيران به، تلاه اقتحام مجموعة مسلحة لمقر قناة 218 الفضائية واعتقال اثنين من العاملين به في الشهر نفسه، وفي أبريل أضرم مجهولون النيران في مقر راديو الأولى التابع لمجلس صرمان البلدي.

ليبيا بوابة الهجرة “غير الشرعية”

بدأت المنظمات الدولية في توجيه الاتهامات إلى ليبيا، بوجود سوق لبيع الرقيق في الرابع من أغسطس الماضي، عندما زعم  تقرير لمنظمة الهجرة الدولية، أن المهاجرين الأفارقة يباعون عبيدا في أسوق ليبية.

وفي نهاية أغسطس، لفت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الانتباه إلى إمكانية زيارة بعثة الأمم المتحدة، مركز احتجاز معيتيقة، أحد أكبر مراكز الاحتجاز في طرابلس، بعد تلقي معلومات تفيد بممارسة أعمال تعذيب في المركز.

في حين اتهمت منظمة العفو الدولية في نوفمبر، قوات خفر السواحل الليبية باعتراض قوارب المهاجرين في البحر، وإعاقة عمليات الإنقاذ التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية، في حين نفت السلطات الليبية وجهاز خفر السواحل الليبي هذه الاتهامات جملة وتفصيلا.

وسجلت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في عام 2017، أكثر من 44 ألف لاجئ وطالب للجوء في ليبيا، كما أخلي سبيل 1350 مهاجراً غير قانوني من مراكز الإيواء، في حين أعلن خفر السواحل الليبي إنقاذه قرابة 16 ألف مهاجر خلال العام.

ومع كل هذه الأحداث التي توالت خلال عام 2017، يتساءل الليبيون إلى متى ستستمر هذه الانتهاكات في ظل غياب القانون وضعف الأجهزة الأمنية، متخوفين من ارتفاع وتيرتها في العام المقبل.

الأمم المتحدة: 5 مدنيين لقوا حتفهم في ديسمبر نتيجة أعمال عدائية

“المحاسبة” ينتقد “تراخي” الجهات المسؤولة في معالجة الأزمة الاقتصادية