in

الثورة و الدولة .. نقيضان لا يلتقيان

الثورة مفهوم هدم، بمعنى أن أساس وهدف أي ثورة هو هدم نظام ظالم أو الإطاحة بدكتاتورية والتخلص من دكتاتور ، فثورة تعني ثوران الشيء ويقال فلان ثارت ثائرته، والثوران مرادف للهيحان والغضب، ويقال أيضاً: ثار البركان أي هاج وانتفض من بعد سكون حممه النارية في باطن الأرض .

حِينَئِذٍ ،، ووفقاً لهذا المفهوم نجد أن الجماهيرية قامت بعقلية الثورة واستمر القذافي في ترديد عبارات الثورة واللجان الثورية والمثابات الثورية وحتى في آخر خطاباته في عامه الأخير من الحكم لم يبرح يردد ” ثورة ثورة ”

ومن ثم نستطيع أن نستوعب فشل القذافي ونظامه في تأسيس دولة بالمعنى الدستوري والسياسي والإداري للدولة، فالكفاح طيلة نصف قرن تقريباً من الحكم المطلق لم يكن كفاحاً لبناء دولة والرقي بها بل كان كفاحاً ثورياً مستمراً، وكانت أغلب الخطابات بل ومراسلات الدولة تختم بمقولة الفاتح أبداً والكفاح الثوري مستمر، وكأن حالة الهيجان والثوران وهدم الواقع صارت أسلوب حياة ومنهج حكم .

الثورة كما سبق القول فعل هدم، واستمرار العمل بمفهومها هذا يعني بالضرورة استمرار الهدم حتى تهدم الثورة نفسها بنفسها كما حدث للقذافي، وليس ما حدث له عنا ببعيد .

حاصل القول .. الثورة لن تؤتي أكلها أو تجدي نفعاً إلا إذا انتهت مرحلتها الثورية، وانتقلت إلى مرحلة بناء لأسس الدولة تلك الدولة التي تقوم على الشرعية الدستورية واحترام القانون، وتضمن حقوق المواطنة وتكافؤ الفرص، وتبني مؤسساتها على أسس موضوعية بحتة دون شخصنة أو أدلجة، حينها يمكن لنا أن نفخر بتلك الثورة التي هدمت دولة الظلم ثم همدت عن حالة الثوران لتبني دولة العدل، التي لا يبنيها إلا العقل والحكمة والروية، وهذه المفاهيم نقيض لمفهوم الثوران و الهيجان .

حين ندرك هذا المفهوم نستطيع أن نبني الدولة التي قامت في سبيلها الثورة ..تلك الثورة التي دورها الرئيس بل الوحيد هو هدم الظلم والطغيان والاستبداد .. أما بناء دولة العدل والقانون والإنصاف فلا يكون إلا بالاستقرار والسكينة والهدوء، وهذه هي عوامل البناء أما الاستمرار في الثوران فلن يبني ولن يقيم، ولنا فيمن قبلنا عبرة .

أنس أبوشعالة/ كاتب ليبي

إيطاليا تعزز علاقاتها مع دول حدود ليبيا

مستقبل التلفزيون عام 2020: 50% من المحتويات والمقاطع ستشاهد باستخدام الهواتف الذكية