in

تعديل اتفاق الصخيرات أوجب من متاهة الانتخابات

الكثير صار هذه الأيام يدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية سريعة بمن في ذلك عقيلة رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الرئاسي السراج، حيث سبق لهما أن دعيا إلى إجراء انتخابات رئاسية ونيابية خلال النصف الأول من العام القادم 2018م، لا أحد ينكر انسداد الوضع السياسي في ليبيا وتأزمه منذ عام 2014 حينما انقلب البعض في المؤتمر الوطني العام على مخرجات الانتخابات النيابية التي أقرها وأشرف عليها المؤتمر نفسه! في سابقة غريبة تخالف كل الأعراف واللوائح القانونية في مثل هذه الحالات، إلا أنه ينبغي الوقوف عند جدوى إجراء انتخابات جديدة في مثل هذه الأوضاع المأزومة حيث الانقسام السياسي لا يزال على أشده والانفلات الأمني كذلك.

إن الدوافع الكامنة وراء تلك الدعوات بإجراء انتخابات جديدة، أملًا في إيجاد مخرج لحالة الانسداد السياسي الذي تعيشه البلد حاليًّا، قد تبدو منطقية ولها ما يبررها بعد هذه المدة من التخبط، إذا ما سلّمنا بأنها توفر مخرجًا ممكنًا لحالة الانسداد والجمود السياسي التي عليها الوضع الليبي، وبما يؤدي إلى تحريك العملية السياسية في ليبيا، وإحداث التغيير المطلوب الذي ينقل البلد إلى شاطئ الأمان، بعد أن ترنّحت المركب واضطرب الحال منذ حوالي 7 سنوات كبيسة!.

لكن من وجهة نظر أخرى، مبررات الدعوة للانتخابات لا تبدو مقنعة في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلد، والمتمثلة في حالة الانقسام السياسي وحتى الإداري بين الشرق والغرب الليبي، بالإضافة إلى حالة الانفلات الأمني في المنطقة الغربية والجنوبية على وجه التحديد، إنه انطلاقا من ضرورة توفر الضمانات الأمنية والقانونية الواجبة للعملية الانتخابية لكي تنجح في نتائجها، وما يترتب عليها من تسليم وتسلم للسلطتين التشريعية والتنفيذية بسلاسة ويسر ـ يكون من الصعب الوثوق في إجراء انتخابات على هذه الحالة الخلافية بين الأطراف؛ إذ ليس الهدف مجرد التصويت وإظهار النتائج إنما الهدف الأسمى هو مدى التزام الأطراف المختلفة بنتائج هذه الانتخابات، وعدم عرقلة انتقال السلطات كما حدث في عام  2014 والذي مازلنا نعاني نتائجه حتى الآن.

إنه قياسا على معطيات الوضع الليبي والذي لا يزال مضطربًا مشوشًا يكون الاتجاه إلى إجراء انتخابات مجرد زوبعة في فنجان بل إنه ربما سيزداد الوضع تعقيدًا، وتكون الفرصة قد فتحت لوجود حكومة وجسم تشريعي ثالث إضافة لما لدينا الآن، إذًا من المنطق والتعقل أن نحرص على توفير ظروف نجاح ممكنة ولو بالحد الأدنى، وهذه لا يمكن أن تكون إلا في ظل إحداث توافق ولو محدود بين أطراف النزاع الآن، وليس أمامنا إلا الرجوع إلى القناة الوحيدة المتوفرة الآن وهي اتفاق الصخيرات، ما يعني ضرورة قصوى لتحقيق حد أدنى من التوافق، وفقًا لاتفاق الصخيرات، وتفعيل ذلك بإجراء تعديلات ممكنة بما يتوافق عليه الفرقاء، وهو الممكن الآن بعد جهود مضنية قامت بها بعثة الأمم المتحدة من خلال مبعوثيها لليبيا لتفعيل الاتفاق.

إذًا التفكير في إجراء انتخابات قبل أن يحدث توافق ولو بالحد الأدنى وفقا لاتفاق الصخيرات قد يكون نوعا من العبث السياسي، ويفتح طريقًا آخر من متاهات الوضع الليبي، فالضرورة تقتضي أن تجرى الانتخابات على أرضية توافقية تحت مظلة جسم تشريعي موحد وسلطة سياسية متوافقة، والحاجة ملحة حينئذ لإجراء بعض التعديلات الضرورية التي يمكن بها تجاوز الخلافات، والعبور إلى شاطئ الأمان، والانتقال بالبلد إلى مرحلة جديدة على طريق تأسيس الدولة الراسمة الموحدة، فهل نتأنى وندخل لانتخابات نيابية ورئاسية تحت مظلة موحدة توافقية مضمونة النتائج والتفعيل، أم نكرر نفس الخطأ الذي وقع فيه المؤتمر الوطني عام 2014؟!.

الكاتب الليبي / عاطف الرقيق

مصدر الخبر: موقع عين ليبيا

اللجنة الرباعية والخارجية الأمريكية تدعمان خارطة الأمم المتحدة في ليبيا

التمارين اليومية لـ 30 دقيقة  تحد من الوفاة المبكرة