in

“القلم في خطر”، فهل نحن امام بداية تحوّل تاريخي؟

شعر الإنسان منذ القديم بالحاجة إلى تسجيل ما لديه من معلومات على وسيط خارجي قابل للتداول بين الناس، فكان ظهور الكتابة أو الرموز، وبفضل الكتابة وقع تحديد حقوق الأفراد والمجموعات كما ثبّتت الشرائع والديانات.

بدأ الإنسان الكتابة مستخدما الوسائل المتاحة لديه، فبدأ باستخدام النقش على الحجر لتدوين ما يريده، ثم انتقل إلى الكتابة على أوعية أخرى كالرَّق والبردي والورق الذي اخترع في بداية القرن الثاني الميلادي، ثم ما لبث الإنسان الأكثر تقدما أن اخترع الآلات التي تساعده على الكتابة، مثل الآلات الكاتبة والمطابع، وأخيرا أصبح الإنسان يستخدم الكتابة من خلال أجهزة متقدمة جدا مثل الحواسيب، وأصبح يتعامل اليوم بما يسمى الكتب الإلكترونية.

رافقنا القلم على مقاعد الدراسة لسنوات طويلة، ومنذ طفولتنا تعودنا على استعماله يوميًّا، ولم نكن نتخيل أنه قد يفارق أصابعنا يومًا، ولكن مع ظهور الحواسيب ولوحات المفاتيح ثم اللوحات الرقمية التي غزت المجتمعات، تغيرت عاداتنا في الكتابة، وابتعدنا نوعا ما عن استخدام القلم والورق.

واليوم، هناك مدارس بدأت في التخلي شيئا فشيئا عن اعتبار القلم أداة رئيسية للكتابة، وأنفقت الملايين لتجهيز قاعاتها بلوحات رقمية، خلال حصة الدرس يستخدم كل طالب لوحته الخاصة المجهزة ببرامج تربوية محددة، ثم تعطي المدرّسة تعليماتها وبعدها يجيب الطلاب على الأسئلة حيث يمكن للمدرسة رؤية إجابات الطلاب على لوحاتهم الرقمية مباشرة.

نحن بحاجة إلى الاستفادة من مهارات القرن الواحد والعشرين، تلك التي سيحتاجها الأطفال عندما يبدؤون حياتهم العملية، في الوقت ذاته، فإن الكتابة تسمح باتصال مناطق في الدماغ، بطريقة مختلفة عن اتصالها عند الكتابة باستخدام لوحة المفاتيح مثلًا.

قد تكون طريقة التعليم الرائدة في المعهد الثانوي “دو ليمان” بجنيف، مقدمة لتحول تاريخي.

السيدة كلير كليفاز، أستاذة وعضوة في مختبر الثقافات والعلوم الإنسانية الرقمية في جامعة لوزان، ترى أن اختفاء القلم قد يمثل صدمة حضارية، وتحولًا لا يقل أهمية عن التحول الذي أحدثه اختراع الطباعة عام 1455، إذ تقول: “ربما نحن ذاهبون نحو تغير كبير إلى حد ما”.

وفي الـسياق نفسه، يبدو أن زمن الرسم بـاستخدام القلم والورقة انتهى أيضًا، بعد اختراع قلم جديد قادر على الرسم بالتقنية ثلاثية الأبعاد، أو بعبارة أخرى يرسم في الهواء.

هذا القلم هو من إنتاج بريطاني وتحديدًا من إنتاج شركة “ليكس”، يستخدم تقنية البلاستيك الذائب للرسم بالأبعاد الثلاثة، وهذا يعني أنه بلمسة زر واحدة يمكن إنشاء كـائنات قائمة بذاتها في بضع ثوان، وفقاً لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية.

هذا القلم ليس الجهاز الأول الذي يرسم بالتقنية ثلاثية الأبعاد، ولكنه الأول الذي يشبه شكل وحجم القلم العادي، وما هو أكثر من ذلك، فإنه يمكن وصله عن طريق وصلة USB واستخدامه من خلال الكمبيوتر المحمول، كما يبلغ طول هذا الـقلم 6.45 سنتيمتر، أما قطره فلا يتجاوز 1.4 سنتيمتر، ويزن نحو 35 غرامًا، وهو مصنوع من الألمنيوم ويأتي باللونين الأسود أو الرمادي.

ويعمل القلم على تسخين البلاستيك إلى 150 درجة مئوية، وعند الضغط على الكبسة وتحريك القلم في الهواء يتصلب البلاستيك عند تعرضه للهواء لينتج الأشكال المطلوبة.

إضافة إلى ذلك، وفي سياق حديثنا عن القلم وإمكانية اختفائه لتحل مكانه وسائل تكنولوجية أخرى قد تغني عنه، أو إمكانية اختفاء القلم التقليدي لتظهر أنواع أخرى من “الأقلام”، ابتكرت شركة يابانية قلمًا عجيبًا، القلم يستطيع أن يرسم بأي لون من ألوان الطبيعة بحيث يمكن أن يأخذ اللونَ من أي شيء حوله، ويُستخدم للرسم أيضًا.

بعد وضع القلم مقابل أي مادة، تضغط على زر المسح ليقوم حساس اللون المزود به بالتعرف على اللون، وتقوم علبة الألوان الموجودة في القلم بإرسال الألوان المطلوبة وخلطها وتركيبها للوصول إلى اللون المطلوب والمطابق.

يصعب علينا حاليًّا القول بأننا لن نستخدم القلم للكتابة مستقبلا، ولكننا قادرون على التكيف والاستفادة القصوى من طرق الكتابة الجديدة المتوفرة لدينا، على “الآيفون” أو “الآيباد” نستخدم يدنا للكتابة ولكن ما نفتقده حقًّا، هو هذا التواصل بين الجسد والورق، وهذا تغير هام.

القلم قد يكون على وشك خسارة المعركة أمام تقنيات الكتابة الحديثة، فوفقا للتقارير والدراسات، تراجعت مبيعات الأقلام بصفة ملحوظة في معظم الدول الغربية، في المقابل، ارتفعت مبيعات الأقلام الفخمة والراقية التي قد تتحول إلى وسيلة للعودة إلى الأصل… إلى فن الخط.

لكن يبقى بصيص أمل يلوح في الأفق، إذ يقول أنطون فولفغانغ غراف فون فابر-كاستل، رئيس المؤسسة الألمانية لتصنيع الأدوات الكتابية “Faber-Castel” ، إنه بصرف النظر عن الإنترنت ورسائل الهاتف المحمول وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية التي يمكن حملها في اليد الواحدة، فإن أقلام الرصاص المتواضعة لا يزال أمامها مستقبل واعد.

ويضيف رئيس شركة “Faber-Castel” التي احتفلت بذكرى مرور 240 عامًا على تأسيسها: “لكل شيء دوره دون أن يحل آخر محله”، ويضيف “نعتقد أن القلم الرصاص هو نواة كل هذا المجهود الإبداعي”.

يذكر أن مؤسسة “نورمبيرغ” لدراسات السوق أشارت إلى أن مبيعات أقلام الحبر عالية الجودة قد انخفضت بمقدار 55% في المدة من عام 2005 وحتى 2010، وأثناء هذه المدة، انخفض عدد أقلام الحبر التي بيعت في ألمانيا بمقدار 500.000 قلم.

المصدر/ شربل قرقماز– موقع

أربعة أشياء مريبة يسجلها عنك سرا هاتفك الذكي

الضدية لا تعني تمني السقوط